أمد/ واشنطن ترجمة أمد: كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الولايات المتحدة عززت حضورها في غزة ضمن جهود دعم اتفاق وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحركة حماس، في خطوة تُعد تحولًا لافتًا في إدارة الشؤون الإنسانية داخل القطاع، إذ باتت واشنطن — عبر مركز تنسيق مدني عسكري جديد — تضطلع بدور القيادة، فيما تراجع الدور الإسرائيلي إلى موقع ثانوي.

وذكرت الصحيفة أن مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC)، الذي تقوده الولايات المتحدة ويضم أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية، حل محل وحدة التنسيق الإسرائيلية المعروفة باسم COGAT في الإشراف على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. 

وأكد مسؤولون أمريكيون أن القرارات المتعلقة بنوعية وحجم المساعدات أصبحت تُتخذ من خلال هذا المركز المشترك، وليس من الجانب الإسرائيلي كما كان سابقًا.

وأوضح الكابتن تيم هوكينز، المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، أن وجود هذا التحالف الدولي يتيح “فهمًا أوضح لما يجري على الأرض وتحديد الاحتياجات الفعلية للسكان”.

ورغم التحسن النسبي في تدفق المساعدات بعد وقف إطلاق النار، أشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل ما زالت تفرض قيودًا كبيرة على حركة الإمدادات، خصوصًا عبر معابر كرم أبو سالم، في ظل إغلاق معابر أخرى مثل جسر اللنبي بين الأردن وإسرائيل. كما منعت سلطات الاحتلال معظم منظمات الإغاثة من إدخال الغذاء والمواد الطبية بحجة “الاستخدام المزدوج”.

وقال يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، إن انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في تنسيق المساعدات يمثل “خبرًا سارًا”، لكنه حذر من استمرار العراقيل الإسرائيلية التي “تعرقل البنود الإنسانية في خطة ترامب”.

وأضاف التقرير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعترف بأنه مارس ضغوطًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول اتفاق السلام، مشيرًا إلى أن الخطة تتضمن إجراءات أمنية صارمة ومراقبة جوية أمريكية عبر طائرات مسيّرة لرصد الالتزام بوقف إطلاق النار وتوزيع المساعدات.

وفي المقابل، رفضت إسرائيل الاتهامات بأنها خاضعة للإشراف الأمريكي، مؤكدة أن التعاون الاستخباراتي مع واشنطن يسير ضمن “قواعد تبادل المعلومات المعتادة”.

ويقع مقر مركز التنسيق الأمريكي في مدينة كريات جات جنوبي إسرائيل، حيث يديره الفريق باتريك فرانك بمشاركة نحو 200 جندي أمريكي وعدد من الممثلين الدوليين. ووفقًا للصحيفة، فإن واشنطن لا تنوي نشر قوات داخل قطاع غزة، بل تقتصر مهمتها على “دعم جهود الاستقرار ومراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار”.

وتشير واشنطن بوست إلى أن الخطة الأمريكية تشمل كذلك مسارًا لنزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وإنشاء قوة أمنية دولية بإشراف الأمم المتحدة، إضافة إلى مشروع لإقامة “تجمعات سكنية آمنة” داخل غزة إلى حين استكمال ترتيبات إعادة الإعمار.

غير أن منظمات الإغاثة الدولية رفضت هذا المقترح، واعتبرته “عودة إلى نموذج وصاية إنسانية مفروضة”، فيما رأت الدول الأوروبية المشاركة في المركز أنه لا يمكن أن يكون “أداة استراتيجية لطرف من أطراف النزاع”.

وبينما وصف ترامب خطته بأنها “فجر تاريخي لشرق أوسط جديد”، حذرت واشنطن بوست من أن نجاحها يتوقف على مدى استعداد إسرائيل للتخلي عن سيطرتها المباشرة على غزة، واستعداد الدول العربية — وعلى رأسها السعودية — للمضي في التطبيع بشرط وجود مسار واضح نحو إقامة دولة فلسطينية.

شاركها.