كشف الباحث الأكاديمي في التاريخ المعاصر، دداي بيبوط، أن التصريحات المتضاربة للمسؤولين الجزائريين بشأن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول الصحراء، تعكس حالة من الشرود والارتباك لدى الدبلوماسية الجزائرية، حيث بدؤوا بانتقاد القرار ثم عادوا للترويج له كانتصار لجبهة البوليساريو ونكسة للمغرب.
وأوضح بيبوط، في تصريح خص به جريدة “العمق”، أن الممارسة الدبلوماسية داخل المنظمات الدولية تقوم على الوضوح والثبات، وهو ما غاب تماما عن الموقف الجزائري الذي انسحب ممثله من جلسة التصويت على مسودة القرار الأممي، فلا هو عارض المسودة ولا وافق عليها، ولا حتى امتنع عن التصويت، وهو ما يعد أضعف موقف في الأعراف الدبلوماسية الأممية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن هذا الارتباك يعبر عن صعوبة تعامل الجزائر مع الواقع الجديد لملف الصحراء المغربية، والذي أصبح فيه الموقف المغربي يحظى بقناعة دولية واسعة، وهو الموقف الثابت منذ ستينيات القرن الماضي القائم على مبدأ تقرير المصير في إطار احترام الوحدة الترابية، والذي رضخت له إسبانيا نفسها عام 1975.
وتابع الباحث أنه بعد خروج إسبانيا، ظهرت الجزائر وجبهة البوليساريو كلاعب جديد، متأبطين نفس الأجندة الإسبانية السابقة في قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
واعتبر بيبوط أن القرار الأممي جاء لينصف جزءا من الشعب المغربي الذي عانى من سياسات الحكومات الجزائرية المتعاقبة على مدى خمسين عاما، والتي حرمته من حقه في العيش على أرضه. وأضاف أن الخطاب الملكي السامي الذي تزامن مع صدور القرار قد أكمل المهمة، حيث ذلل الصعاب وفتح الإمكانيات لتنزيل القرار بشكل سليم وفق منهجية تقطع مع التدبير السابق.
وأفاد المصدر بأن الخطاب الملكي يفتح ذراعيه أمام أبناء الوطن من ساكنة مخيمات تندوف للعودة إلى بلدهم، والمشاركة في بناء مؤسساته واتخاذ قراراته المصيرية جنبا إلى جنب مع إخوانهم، وتذليل كل الصعاب أمام تحقيق التفاهمات مع كافة الأطراف، بمن فيهم الجزائريون إن أرادوا خيرا لمنطقتهم المغاربية.
وختم دداي بيبوط تصريحه بالتأكيد على أن الدبلوماسية المغربية تنطلق من مبدأ “لا غالب ولا مغلوب” في تدبيرها لهذا النزاع المفتعل، وقد جاء القرار الأخير لتثبيت هذا المبدأ والانطلاق منه نحو المستقبل، وهو ما سيكون في صالح كل الأطراف دون مجال للمزايدات.
المصدر: العمق المغربي
