يشهد قطاع النظافة بمدينة الدار البيضاء، خلال السنوات الأخيرة، جدلا متجددا حول طريقة تدبيره داخل عدد من مقاطعات العاصمة الاقتصادية، في ظل ما تعتبره فعاليات مدنية ومصادر محلية “اختلالات بنيوية”، تتداخل فيها المصالح الانتخابية مع التدبير اليومي لخدمات النظافة.
وحسب معطيات استقتها جريدة “”، فإن عددا من المنتخبين داخل عدد من مقاطعات الدار البيضاء عمدوا إلى تحويل بعض شركات التدبير المفوض للنظافة إلى ما يشبه “خزان انتخابي”، عبر استغلال موقعهم داخل المجالس للتوسط في توظيف مقربين وأصدقاء وأبناء دوائرهم الانتخابية، مقابل غض الطرف عن مجموعة من الاختلالات التي يعرفها القطاع.
وتشير المصادر إلى أن المقاولات المفوض لها تدبير النظافة أصبحت، في بعض المناطق، قناة غير رسمية لتوزيع مناصب الشغل قصيرة الأمد، من دون المرور عبر مباريات أو معايير واضحة للانتقاء.
هذا الأمر اعتبرته فعاليات حقوقية وسياسية “مسا بمبدأ تكافؤ الفرص، وتحويل خدمة عمومية إلى أداة للولاء الانتخابي”، خصوصا أن أغلب هذه التوظيفات تتم في فترات ما قبل الانتخابات أو عند اقترابها.
وتؤكد شهادات من داخل بعض المقاطعات أن عددا من الأشخاص الذين جرى تشغيلهم في هذا الإطار يتم الاستغناء عنهم مباشرة بعد انتهاء الحملات الانتخابية أو عند تغيّر موازين القوى داخل المجالس.
في المقابل، يؤدي هذا النوع من المقايضة إلى تراجع المراقبة المفروضة على الشركات المتعاقدة، حيث تغض بعض المجالس الطرف عن التأخر في جمع النفايات أو عدم احترام المعايير البيئية والتقنية، مقابل الحفاظ على مصالح انتخابية خاصة.
هذا الوضع ساهم، حسب عدد من المتابعين، في تفاقم مشاهد الأزبال في عدد من الأزقة والأحياء، خصوصا في المناطق الهامشية التي لا تستفيد من ضغط إعلامي قوي أو رقابة مدنية متواصلة.
وقال الفاعل السياسي بمدينة الدار البيضاء، مهدي ليمينة، إن الوظيفة المركزية للمنتخب المحلي تتمثل في خدمة الصالح العام والسهر على تحقيق تنمية حقيقية تستجيب لاحتياجات الساكنة، وليس تحويل المؤسسات والقطاعات العمومية إلى أدوات لحسابات انتخابية ضيقة.
وأوضح ليمينة، في تصريح لجريدة “”، أن المنتخب يوجد في موقع مسؤولية يفرض عليه الاشتغال بروح المواطنة والنزاهة، لافتًا إلى أن أي انحراف نحو استغلال المواقع الانتخابية أو التدبيرية لأغراض شخصية أو حزبية يضرب جوهر العمل السياسي ويضعف ثقة المواطنين في المؤسسات.
وأكد المتحدث أن “العدالة المجالية” تشكل ركيزة أساسية في تدبير الشأن المحلي، مشددا على ضرورة ضمان توزيع متوازن وعادل للمشاريع والخدمات بين مختلف الأحياء والمقاطعات، وعدم حصرها في دوائر أو مناطق معينة لكسب ولاءات انتخابية.
وتابع ليمينة قائلا إن بعض الممارسات التي تشهدها الساحة المحلية، من قبيل استغلال شركات المناولة أو الخدمات العمومية كـ”خزانات انتخابية”، لا تمت بصلة لمبادئ الحكامة الجيدة، بل تسيء لصورة المنتخب وتضر بثقة المواطنين في العملية الديمقراطية.
وأوضح أن المنتخب مطالب بالابتعاد عن كل الشبهات، وتغليب المصلحة العامة على أية اعتبارات أخرى، مضيفا أن “المواطن اليوم أصبح أكثر وعيا، ويستطيع التمييز بين من يشتغل بجد لخدمته، ومن يسعى فقط إلى ضمان موقعه الانتخابي”.
وختم ليمينة تصريحه بالتأكيد على أن إصلاح الحقل السياسي المحلي يبدأ من احترام أخلاقيات المسؤولية، واعتماد الشفافية والوضوح، وإرساء ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك لضمان تدبير فعال وذي مصداقية يعيد الثقة في المؤسسات ويستجيب للتطلعات الاجتماعية والتنموية للساكنة.
المصدر: العمق المغربي
