يشهد القطاع التجاري بمدينة المحمدية ركودا واضحا خارج موسم الصيف، الأمر الذي يثير قلق التجار وأصحاب المحلات الصغيرة الذين يعتمدون بشكل كبير على الرواج السياحي الموسمي؛ إذ تتراجع حركة البيع والشراء بشكل ملموس بعد نهاية العطلة الصيفية.

ويؤكد عدد من المتتبعين للشأن المحلي بالمحمدية أن هذا التراجع الكبير في النشاط التجاري وما يرافقه من انخفاض في مداخيل التجار الصغار، يستدعي التفكير في حلول واقعية تضمن استمرارية الرواج الاقتصادي وتمكن المهنيين من تأمين موارد قارة تعيل أسرهم طوال السنة.

ركود تجاري

محمد سحيم السحايمي، فاعل جمعوي متتبع للشأن المحلي بالمحمدية، أوضح أن “المدينة رغم موقعها الاستراتيجي بين الرباط والدار البيضاء، خاصة الأخيرة باعتبارها أكبر مدينة من حيث عدد السكان على الصعيد الوطني، إلا أنها لم تستفد من هذا القرب الجغرافي، ولا من موقعها على الساحل الأطلسي الذي يزخر بشواطئ مميزة ومعروفة على الصعيد الوطني”.

وأشار السحايمي، في تصريح لهسبريس، إلى أن “المحمدية تتوفر كذلك على رموز سياحية ذات قيمة عالية مثل ملعب الغولف الملكي والحدائق القديمة ذات الطابع الفرنسي، وهي مؤهلات كان من المفترض أن تجعل المدينة وجهة سياحية وتجارية بامتياز، غير أن الواقع يُبرز عكس ذلك بسبب الركود الاقتصادي والتجاري الذي تعاني منه المدينة على مدار السنة”.

وشدّد الفاعل الجمعوي على أن “هذا الركود يستمر رغم الإمكانيات الكبيرة التي تملكها المحمدية لتكون من بين المدن الأكثر جاذبية للسياح وطنيا”، معتبرا أن “المشكل الأساس يعود إلى غياب الحس بالمسؤولية لدى بعض المسؤولين المحليين الذين لم يضعوا أي مخطط تنموي أو استراتيجية مستدامة للنهوض بالمدينة”.

وأكد السحايمي أن “الحركية التجارية بالمحمدية لا تظهر إلا خلال فصل الصيف بفعل العطلة الصيفية، شأنها شأن باقي المدن المغربية الساحلية، أما في باقي فترات السنة فالوضع يتسم بالجمود التام”، مشددا على أن “غياب الزوار والسياح يؤثر سلبا على الدورة الاقتصادية والاجتماعية للمحمدية”.

ودعا محمد سحيم السحايمي إلى “تبني رؤية مستقبلية واضحة ومخطط تنموي مستدام يعيد للمدينة إشعاعها السياحي والتجاري، ويجعلها قادرة على منافسة المدن المجاورة، خصوصا الرباط والدار البيضاء”، مشيرا إلى أن “المسؤولين مطالبون اليوم بالتحلي بالجدية والضمير المهني من أجل النهوض بالمحمدية واستثمار موقعها الاستراتيجي ورموزها السياحية الفريدة”.

انتعاش موسمي

حسن حُمير، متتبع للشأن المحلي بمدينة المحمدية، قال إن “المدينة تعرف خلال فصل الصيف حركية ملحوظة بفضل توافد عدد كبير من الزوار على شواطئها المعروفة”، مضيفا أن “هذا الانتعاش الموسمي ينعكس إيجابا على الأنشطة التجارية المحلية، بخلاف فصل الشتاء الذي يشهد نوعا من الركود، وهو أمر طبيعي بالنسبة لمدينة ساحلية يرتبط نشاطها الاقتصادي بالموسم السياحي”.

وأضاف حُمير، في تصريح لهسبريس، أن “فترة الصيف تشهد ارتفاعا في عدد المصطافين، ما يخلق رواجا تجاريا ملحوظا ويُنعش مداخيل عدد من المهنيين”، موضحا أن “هذا الواقع يستدعي التفكير في حلول عملية لتجاوز فترات الركود التي تعرفها المدينة في باقي فصول السنة”.

وسجّل المتحدث ذاته أن “من بين الإجراءات التي يمكن أن يتبناها المجلس المنتخب، العودة إلى تنظيم المهرجانات والمعارض التجارية التي كانت تُقام سابقا بالمحمدية”، مبرزا أن “هذه الأنشطة كانت توفر للتجار فرصا مهمة لعرض منتجاتهم والترويج لها خارج الموسم الصيفي”.

وأكد حُمير أن “المجتمع المدني لعب بدوره دورا مهما في تنشيط الحركة التجارية بالمدينة، من خلال تنظيم معارض يشارك فيها التجار والتعاونيات المحلية”، مشيرا إلى أن “هذه المبادرات ساهمت في خلق دينامية اقتصادية واجتماعية انعكست إيجابا على الساكنة”.

وختم حسن حُمير تصريحه بالدعوة إلى “إحياء هذه التجارب الناجحة وتطويرها ضمن رؤية تشاركية بين المجلس المحلي والفاعلين الجمعويين”، مؤكدا أن “تنظيم معارض ومهرجانات على مدار السنة سيُسهم في تنويع مصادر الدخل وتحريك الدورة الاقتصادية بمدينة المحمدية خارج موسم الصيف”.

مقترحات داعمة

عن المقترحات الكفيلة بدعم المتضررين، شدد ربيع دكروم، فاعل جمعوي بمدينة المحمدية، على ضرورة “توفير الدعم المالي لفائدة التجار الصغار من خلال قروض ميسّرة أو منح مالية لتمويل مشاريعهم وتطوير أنشطتهم”، معتبرا أن “هذه المبادرة كفيلة بتحريك الاقتصاد المحلي وتمكين فئة واسعة من التجار من تحسين أوضاعهم المهنية”.

واستحضر دكروم أهمية “تنظيم فعاليات تجارية بشكل دوري، مثل الأسواق الأسبوعية والمهرجانات التجارية، لما لها من أثر مباشر في جذب الزوار وتنشيط الحركة الاقتصادية داخل المدينة”، مضيفا أن “هذه المبادرات تساهم في التعريف بالمنتوج المحلي وتشجيع روح المبادرة لدى التجار الشباب”.

وأضاف المتحدث لهسبريس أن “التسويق الرقمي أصبح ركيزة أساسية في نجاح المشاريع التجارية”، داعيا إلى “مواكبة التجار الصغار في إنشاء مواقع إلكترونية واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع قاعدة الزبائن”، كما شدد على “ضرورة تمكينهم من تكوينات متخصصة في مجالات التسويق وإدارة المشاريع والمبيعات”.

وأوضح الفاعل الجمعوي أن “توفير فضاءات تجارية بأسعار مناسبة داخل المناطق الحيوية، وتعزيز الشراكات بين التجار والقطاعين العام والخاص، عاملان من شأنهما خلق بيئة تجارية متكاملة ومستدامة”، مؤكدا أن “تحسين البنية التحتية، وخاصة الطرق والإنارة والمرافق العمومية، مسألة حاسمة في إنعاش النشاط الاقتصادي”.

وختم ربيع دكروم مقترحاته بالتأكيد على أهمية “خلق أسواق نموذجية وإعادة هيكلة السوق البلدي بالمحمدية لتحسين ظروف العمل والتسوق”، مبرزا أن “هذه الإجراءات المندمجة ستساهم في إحياء الحركة التجارية وجعل المدينة وجهة اقتصادية وسياحية جاذبة على المستويين المحلي والوطني”.

المصدر: هسبريس

شاركها.