أمد/ تل أبيب: قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير مساء يوم الثلاثاء، إنه “لن يُسمح لأيّ من عناصر حماس المحاصرين في رفح بالخروج أحياء ما لم تُستعد جثة الضابط هدار غولدن”، الذي تحتجزه الحركة في قطاع غزة منذ عام 2014.
وبحسب ما أوردت وسائل إعلام عبرية، فإن زامير عرض موقف الجيش أمام القيادة السياسية، واعتبر أنه لا يمكن السماح بخروج المقاتلين من المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال في رفح “إلا مقابل إعادة جثث الأسرى الإسرائيليين”.
وجاءت تصريحات زامير في أعقاب تقارير إسرائيلية أفادت بأن الحكومة درست احتمال السماح لنحو 200 من عناصر حماس المتواجدين داخل أنفاق في المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال في رفح، بالانسحاب نحو الجانب الآخر من “الخط الأصفر”، مقابل تسريع عملية تسليم جثث عدد من الأسرى.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن نتنياهو بحث المقترح مع مقربين منه خلال الأيام الماضية، في إطار سعيه لاستعادة المزيد من جثث الأسرى. إلا أن تسرّب أثار موجة غضب داخل الحكومة، خصوصًا من وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، اللذين رفضا السماح بمرور المقاتلين.
وعقب الانتقادات، أعلن مكتب نتنياهو أن “رئيس الحكومة لم يبحث أيّ اتفاق من هذا النوع”، مشددا على أنه “يصرّ على تنفيذ التفاهمات القائمة كما هي”، في إشارة إلى بنود وقف إطلاق النار التي دخل حيّز التنفيذ بموجب خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإنهاء الحرب على غزة.
وذكرت القناة 12 العبرية، أن زامير توجّه في الأيام الأخيرة مباشرة إلى القيادة السياسية، وقال إنه “لا يجوز السماح بخروج أيّ مقاتل من رفح إلا مقابل إعادة جثة غولدن”. وأضاف أن الجيش مستعد للنظر في صفقة تبادل محدودة فقط في حال التزمت حماس بهذا الشرط.
ويُقدّر الجيش الإسرائيلي أن جثة غولدن، الذي قُتل في رفح خلال عدوان الاحتلال على غزة عام 2014، لا تزال مدفونة في المنطقة ذاتها.
وبحسب “يديعوت أحرونوت”، فإن المقاتلين المحاصرين في المنطقة الواقعة شمال رفح عالقون في شبكة أنفاق تحت الأرض بين مواقع الجيش الإسرائيلي والجانب الفلسطيني من الخط الفاصل، منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وتطالب حركة حماس بالسماح بخروجهم مع مدنيين آخرين نحو عمق القطاع.
وذكرت الصحيفة أن زامير قدّم توصية إلى المستوى السياسي، دعا فيها إلى “قتل جميع المقاتلين المحاصرين في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق لاستعادة الجثث”، مشيرًا إلى أن الجيش “يُقدّر أن حماس لا تملك معلومات دقيقة عن مواقع جميع الجنود القتلى”، لكنها قادرة على تحديد بعضهم بسرعة أكبر مما يستطيع الجيش فعله.
في المقابل، تقدّر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن حماس تستطيع تحديد مواقع جثث ما بين ثلاثة إلى أربعة من أصل سبعة أسرى إسرائيليين لا تزال جثثهم في القطاع، فيما تبقى المعلومات حول الآخرين غير مؤكدة.
وبحسب القناة 12، فإن النقاش بين المستويين السياسي والعسكري لا يزال مفتوحًا بشأن كيفية التعامل مع المقاتلين الذين يقدر عددهم بنحو 200، وقالت إن النقاشات داخل القيادة السياسية جاءت بعد تقارير صحافية عن موافقة مبدئية على السماح بخروج هؤلاء المقاتلين مقابل تسليم سلاحهم، قبل أن يتراجع نتنياهو تحت ضغط وزراء اليمين، ويعلن أن القرار النهائي يقضي بإبقائهم داخل المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة إن عائلة الضابط غولدن مارست ضغوطًا علنية على نتنياهو، مطالبة إياه بلقاء شخصي، ومؤكدة أن “إعادة جميع الجثث واجب قومي لا يمكن التنازل عنه”.
في المقابل، تؤكد حركة حماس أنها تواجه صعوبات في تحديد مواقع جميع الجثث، مضيفة في بيان سابق أن دخول معدات هندسية وفِرق الصليب الأحمر المرافقة لعناصرها في عمليات البحث “أسهم في تسريع عملية إخراج الجثث”.
ويرى مراقبون في إسرائيل أن الموقف الذي أعلنه زامير يعكس تباينًا واضحًا بين المؤسسة العسكرية التي تسعى لإنهاء الملف بسرعة، وبين القيادة السياسية التي تراعي التوازنات الداخلية وضغوط شركائها في الائتلاف الحاكم.
وأثار موقف زامير انتقادات في الأوساط العسكرية والإعلامية الإسرائيلية، بعد أن نقل ما لا يقل عن ثلاثة مراسلين عسكريين عنه قوله إنه “مستعدّ للنظر في إطلاق سراح مقاتلي حماس المحاصرين في رفح مقابل استعادة جثة غولدن”.
ورأى معلّقون أن تكرار التصريحات في وسائل الإعلام المختلفة يشير إلى أنّها نُقلت بتوجيه من قيادة الجيش، في ما اعتُبر تسريبًا مقصودًا هدفه اختبار ردود الفعل السياسية.
وانتقدت أوساط اليمين المتطرف هذا التوجيه، معتبرة أن “طرح فكرة المساومة مجددًا يمنح حماس فرصة لإعادة فتح الاتفاق القائم ومطالبة إسرائيل بثمن أعلى مقابل الجثث المحتجزة، بعد أن كانت المسألة جزءًا من الاتفاق”.
