تتواصل أشغال الدورة الثامنة والخمسين للجمعية العامة للاتحاد العربي للنقل الجوي (AACO 58th Annual General Meeting) بالعاصمة المغربية الرباط، بمشاركة مسؤولين مغاربة وعرب من مختلف الدول الأعضاء، إلى جانب شخصيات دولية ومهنيين في قطاع الطيران من مختلف أنحاء العالم.
تشكّل هذه الدورة، التي تستضيفها شركة الخطوط الملكية المغربية، محطة بارزة في مسار التعاون العربي في مجال الطيران المدني، بالنظر إلى التحديات التي يواجهها القطاع على المستويين البيئي والاقتصادي، وما يتطلب ذلك من تنسيق وتضامن مؤسساتي لتعزيز استدامة الصناعة الجوية.
وفي كلمته الافتتاحية، رحّب عبد الحميد عدو، الرئيس المدير العام لشركة الخطوط الملكية المغربية، بالمشاركين، مشددا على أن هذا اللقاء “يمثل فرصة لتعزيز الشراكة بين شركات الطيران العربية لمواجهة التحديات المتنامية، ولا سيما في ظل التوترات السياسية التي تعرفها منطقتنا العربية وما تخلفه من انعكاسات مباشرة على هذا القطاع الجوي الحيوي”.
وقال عدو: “إن قطاع النقل الجوي يشكّل عمودا أساسيا من أعمدة الاقتصاد ومحركا رئيسيا للتنمية والسياحة والتجارة. ومن هنا تبرز أهمية تضافر جهودنا لمواصلة دعم هذا القطاع والعمل معا على رسم مستقبل أكثر إشراقا لصناعة الطيران في منطقتنا”.
كما عبّر عن اعتزازه بحضور ممثلي الدول الأعضاء والمسؤولين التنفيذيين المشاركين لأول مرة في هذه الدورة، منوها بالدور الذي تضطلع به شركة الخطوط الملكية المغربية في دعم العمل العربي المشترك في مجال النقل الجوي.
من جانبه، أكّد عبد النبي منار، رئيس الجمعية العامة للاتحاد العربي للنقل الجوي المدير العام للمنظمة العربية للطيران المدني، أن هذا الملتقى “يكتسي أهمية خاصة في ظل المتغيرات الدولية التي ترسم تحديات وفرصا جديدة للقطاع”، داعيا إلى “حشد القوة والكفاءات وتعزيز التضامن المؤسسي لمواصلة مسار التطوير والابتكار”.
وقال منار في كلمته: “لقد أثبتم أن شركات الطيران العربية ليست مجرد ناقلات، بل مؤسسات متكاملة تبني جسور الربط والازدهار لشعوب المنطقة، وتلعب دورا رئيسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال دعم أكثر من ستة ملايين وظيفة ومساهمة بمئات المليارات من الدولارات سنويا في اقتصاد الدول العربية”.
وأضاف أن المنظّمة العربية للطيران المدني تعتبر “التعاون الوثيق مع الاتحاد العربي للنقل الجوي حجر الأساس لمواجهة أي تحديات خارجية وتحقيق الريادة العالمية”، مشددا على “التمسك بمبادئ الإنصاف واحترام الاتفاقيات الدولية تحت مظلة منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو)، ورفض أي رسوم أو ضرائب مزدوجة أو إجراءات مالية أحادية من شأنها تقويض تنافسية شركاتنا”.
وأشار منار إلى أن عامي 2024 و2025 شهدا تنفيذ عدد من الأنشطة المشتركة بين المنظّمة والاتحاد العربي للنقل الجوي، شملت عشرة اجتماعات تنسيقية ومجموعة من الورش التقنية حول الطاقات النظيفة ووقود الطيران المستدام، مما يعكس، بحسب قوله، “الالتزام العربي بتطبيق نظام الكورسيه (CORSIA) كأداة عالمية رئيسية لتحقيق الحياد الكربوني في القطاع بحلول عام 2050”.
كما دعا إلى “مواصلة العمل المشترك للدفاع عن مصالح المنطقة العربية في الهيئات الدولية وتعزيز الشراكة بين مؤسسات الطيران العربية لمواكبة التحولات التشريعية والتقنية العالمية”، مشيرا إلى أن المستقبل القريب “سيشهد ثورة في استخدام التقنيات الذكية، من الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات إلى أنظمة المراقبة والطيران المستدام”.
بدوره، قدّم ويلي والش، المدير العام للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، عرضا شاملا حول واقع قطاع الطيران العالمي، مشيرا إلى أن “عام 2025 يسير في اتجاه إيجابي رغم حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي والنزاعات المسلحة والاحتكاكات التجارية”.
وقال والش: “ارتفع الطلب على الركاب بنسبة 4.8%، والطلب على الشحن بنسبة 3.2% خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، وهي أرقام قوية بالنظر إلى الظروف الراهنة”.
وأوضح أن الصناعة تواجه تحديات كبرى مرتبطة بسلسلة التوريد، قدرت كلفتها الإجمالية في عام 2025 بأكثر من 11 مليار دولار، منها 4.2 مليارات دولار بسبب تشغيل طائرات أقل كفاءة في استهلاك الوقود، و3.1 مليارات دولار في تكاليف الصيانة الإضافية، و2.6 مليار دولار نتيجة ارتفاع أسعار عقود تأجير المحركات بنسبة 30% مقارنة بعام 2019.
كما شدّد على أهمية الحفاظ على انسجام السياسات الدولية في ما يخص الضرائب والرسوم، محذرا من أن “الضرائب المزدوجة والممارسات الأحادية، مثل الرسوم التضامنية التي تفرضها بعض الدول الأوروبية، تهدد قدرة الشركات على تمويل التحول البيئي”.
وذكر المتحدث أن “الطريق نحو تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 يتطلب التزاما فعليا من الحكومات بإتاحة وحدات الانبعاثات القابلة للتعويض ضمن نظام كورسيا، ودعم تمويل إنتاج الوقود المستدام للطيران”.
وفي ختام كلمته، نوّه ويلي والش بالتحولات الكبيرة التي يشهدها المغرب، معتبرا أن “استراتيجية مطارات 2030 وخطط تطوير البنى التحتية استعدادا لاستضافة كأس العالم تمثّل نموذجا ناجحا في الربط بين الطيران والتنمية الاقتصادية”، مؤكّدا أن “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تملك مقومات النجاح، بفضل تعاونها الإقليمي وتبنيها المعايير العالمية”.
يذكر أنه تم الاتفاق على عقد الجمع العام المقبل (التاسع والخمسين) في دولة قطر، وذلك بناء على الدعوة التي تقدم بها المهندس بدر المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية.
المصدر: هسبريس
