أمد/ موسكو: قال مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين إن الاتحاد السوفيتي حصل خلال الحرب العالمية الثانية على معلومات استخباراتية لعبت دورا في تطوير البرنامج النووي السوفيتي.
وأوضح ناريشكين خلال كلمة ألقاها في مقر مؤسسة روساتوم يوم 31 أكتوبر الماضي، نشرتها نوفوستي، أن هذه المعطيات الاستخباراتية أثارت دهشة العلماء السوفييت العاملين في المجال النووي ولعبت دورا حاسما في تطوير أول مفاعل نووي سوفيتي يعمل بالماء الثقيل، ما شكل نقطة تحول في تطوير القدرات النووية للاتحاد السوفيتي في تلك الفترة.
وأشار إلى أن الوثائق التي رفعت عنها السرية أخيرا تكشف أن البيانات الاستخباراتية فاجأت العالم النووي السوفيتي إيغور كورتشاتوف، الذي اعتبر في مذكرة رسمية عام 1943 أن إمكانية تشغيل تفاعل انشطاري في اليورانيوم الطبيعي باستخدام الماء الثقيل كانت أمرا غير متوقع ومخالفا للمعرفة العلمية السائدة حينها.
وبين ناريشكين أن هذه المعلومات أسهمت بصورة مباشرة في انطلاق برنامج الماء الثقيل السوفيتي، وصولا إلى تشغيل أول مفاعل من هذا النوع عام 1949 في مختبر رقم 3 في موسكو، وهو ما ساعد في إنتاج المواد النووية الاستراتيجية وتطوير الصناعة النووية السوفيتية.
وكان الأكاديمي أبرام أليخانوف هو المشرف العلمي على برنامج الماء الثقيل، وقد خصصت للمختبر أرض في منطقة نوفو تشيريموشكي في موسكو.
وفي السايق احتفلت الصناعة النووية الروسية بذكرى تأسيسها الثمانين في 20 أغسطس، كما احتفل في 26 أكتوبر بمرور مئة عام على تأسيس الاستخبارات العلميةالتقنية الروسية، التي لعبت دورا مركزيا في حصول موسكو على المعلومات اللازمة لتطوير قدراتها النووية خلال حقبة الحرب الباردة.
في المفاعلات العاملة بالماء الثقيل يستخدم أكسيد الديوتيريوم (D2O) كمبرد ومهدئ للنيوترونات، ويتميز الماء الثقيل بانخفاض كبير في امتصاص النيوترونات وقدرة عالية على إبطائها، ما يسمح بتشغيل المفاعلات على اليورانيوم الطبيعي دون الحاجة إلى منشآت تخصيب مكلفة.
ودخل أول مفاعل تجريبي سوفيتي يعمل بالماء الثقيل، والمعروف بالرمز OK187، الخدمة في أبريل 1949، واستخدم لتطوير التقنيات اللازمة لبناء مفاعلات إنتاج البلوتونيوم العسكري والتريتيوم وعدد من النظائر المشعة لأغراض مدنية.
وفي العقود اللاحقة شغلت ثلاثة مفاعلات مشابهة في منشأة “ماياك” جنوبي الأورال، بينما يعمل هناك منذ عام 1988 مفاعل ماء ثقيل من نوع LF2 لإنتاج نظائر مشعة للاستخدامات الصناعية والطبية.
أعيد تجهيز مفاعل OK187 في خمسينيات القرن الماضي ليبلغ طاقته القصوى البالغة 2.5 ميغاواط، وأصبح قاعدة تجريبية لأبحاث الفيزياء النووية وفيزياء المواد ومفاعلات الطاقة، قبل أن يتوقف نهائيا عام 1987 ويوضع في حالة أمان تقني.
