أمد/  جيونجو: في مشهد طريف لكنه لافت سياسيًا، تحول لقاء جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ بنظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ، إلى مادة ساخنة في وسائل الإعلام، بعدما أطلق الزعيمان نكتة تتعلق بموضوع التجسس، أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقات الدولية.

وخلال لقائهما في مدينة جيونجو الكورية يوم السبت الماضي، قدم شي جين بينغ، هاتفين من إنتاج شركة “شاومي” الصينية كهدية للرئيس الكوري وزوجته، موضحًا أن الجهازين مزودان بشاشات من صنع كوريا الجنوبية. وبينما كان “لي” يتفحص الهاتف مبتسمًا، سأله مازحًا عن مدى “أمانه”، ليرد “شي” بابتسامة عريضة: “يمكنك التحقق بنفسك إن كان فيه باب خلفي”، بحسب صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”.

وأثار الرد ضحك الحاضرين، إذ جاء في إشارة واضحة إلى برامج “الباب الخلفي”، التي تسمح بمراقبة الأجهزة عن بعد، في تلميح ساخر إلى اتهامات الغرب المتكررة لبكين باستخدام التكنولوجيا الصينية لأغراض تجسسية.

اللافت أن شي جين بينج نادرًا ما يظهر في مواقف عفوية أو غير معدة مسبقًا أمام الإعلام، ما جعل هذا التبادل المرح مع الرئيس الكوري خروجًا عن المألوف، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ويقول المؤرخ الأمريكي المقيم في سول جون ديلوري، إن الزعيمين “أشارا بطريقة ساخرة إلى عالم التجسس دون أن يعترفا علنًا بأنهما جزء منه”، مضيفًا أن “الأمر يُمثل كسرًا لاتفاق ضمني قديم بين القادة بعدم التطرق علنًا لأنشطة التجسس”.

لطالما اعتبر الغرب التكنولوجيا الصينية “أداة مراقبة خفية”، فواشنطن وحلفاؤها في أستراليا وبريطانيا حظروا شركة “هواوي” من المشاركة في شبكات الجيل الخامس، معتبرين أنها مرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني.

وفي عهد دونالد ترامب، أدرجت الإدارة الأمريكية شركة “شاومي” على قائمة سوداء، مُحذرة الشركات الأمريكية من التعامل معها، لكن الشركة الصينية لجأت إلى القضاء الأمريكي وفازت بقضيتها، بعد أن أثبتت عدم ارتباطها بالجيش الصيني.

وتأتي المُزحة الصينية الكورية في سياق محاولات البلدين تعزيز التعاون الاقتصادي، رغم الضغوط التي تواجهها سول من حليفتها واشنطن.

ويرى الباحث جون ديلوري، أن الرئيس الكوري، عبر خفة ظله، حاول “طمأنة بكين بأنه منفتح على التعاون رغم القلق من قضايا الأمن السيبراني”، مضيفًا أن “المزاح كان وسيلة دبلوماسية لتخفيف حدة التوتر دون التنازل عن الموقف الرسمي”.

ومن النادر أن يعترف القادة صراحة بممارسات التجسس، إلا في حالات انكشاف كبرى مثل تسريبات إدوارد سنودن عام 2013، التي كشفت عن مراقبة الولايات المتحدة لهاتف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

ومنذ ذلك الحين، ظل ملف الاتصالات والأجهزة الذكية موضوعًا شديد الحساسية في الدبلوماسية الحديثة.

ويقول الخبير الأسترالي في شؤون الاستخبارات باتريك والش، إن الهواتف الذكية ليست هدية دبلوماسية شائعة، بسبب المخاوف الأمنية.

وأضاف: “من الصعب تخيل أن الرئيس لي سيستخدم الهاتف الصيني للتحدث مع نظيره الياباني أو الأمريكي. ربما يهديه لأحد أفراد عائلته”.

شاركها.