بينما الفرعون الجديد ينشغل بتدشين القصور ورفع الستار عن متاحف من ذهب ورخام، يغرق المصريون في بحرٍ من الديون، ويبيع البنك المركزي ما تبقّى من هواءٍ في رئة الاقتصاد. في يومٍ واحد اقترضت الحكومة 83 مليار جنيه لسدّ عجزٍ تجاوز تريليونًا ومئتين وستين مليارًا — رقمٌ صار عاديًا في زمنٍ تُدار فيه الخزانة بالاقتراض لا بالإنتاج.
البلد الذي كان يومًا سلة غذاءٍ للعالم صار يستورد القمح بالدَّين، والوقود بالدَّين، وحتى الأمل بالدَّين. فوائد القروض تلتهم الموازنة كوحشٍ ينهش ما تبقّى من جسدٍ مريض، بينما ما يُنفق على الفقراء لا يتجاوز الفتات.
وفيما تبنى القصور في الصحراء وتُرمَّم المتاحف لتُخفي خلف جدرانها الفقر والبؤس، يواصل النظام الغرق في مشاريع وهمية تُثقِل كاهل الأجيال القادمة. الديون الخارجية تجاوزت 156 مليار دولار، والجنيه يترنّح أمام كل عملة، والسلطة تكتفي بالتصفيق.
في النهاية، لا إنجازات تُطعم الجياع، ولا متاحف تُنقذ اقتصادًا يحتضر. فالحقيقة المرّة تقولها الأرقام قبل الناس: مصر لا تتقدّم… بل تستدين لتعيش يوماً آخر فقط.
ظهرت المقالة مصر.. حين يرهن الوطن لأجل عيون الرّيس أولاً على وطن. يغرد خارج السرب.
									 
					