بعد مرور أكثر من سنتيْن على حرب الإبادة التي سنّتها دولة الاحتلال الإسرائيليّ على قطاع غزّة بهدف القضاء على حركة (حماس) ونزع سلاحها، وتحقيق ما يُسّمى بالنصر المُطلق، أكّد جنرالٌ إسرائيليٌّ أنّ تصرفات حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو طول الحرب على قطاع غزة، اتسّمت بغياب الاستراتيجيّة الواضحة، وهو ما قد يُمكّن حركة حماس من العودة بقوّةٍ إلى المشهد.

 

وأوضح الجنرال إسرائيل زيف القائد الأسبق لفرقة غزة في جيش الاحتلال، أنّ “المشكلة الكبرى التي لاصقت كيان الاحتلال طوال الحرب هي غياب الاستراتيجيّة، والاستمرار حتى الآن دون تخطيطٍ مسبقٍ، بل السير وفق اعتباراتٍ حزبيّةٍ تتعارض مع الاحتياجات الأمنية والقومية لإسرائيل”.
وتابع زيف في مقال نشره موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، أنّ “ما يحدث الآن في غزة هو نفس ما حدث في كلّ جبهات الحرب”، مبيّنًا في الوقت عينه أنّ “أيّ جبهةٍ حربيّةٍ لم تنتهِ بسياسةٍ مدروسةٍ ومخططٍ لها، وكلّ شيءٍ قرره وفرضه الأمريكيون فوق رؤوس الإسرائيليين”، طبقًا لأقواله.

 

وحذّر الجنرال الإسرائيليّ أيضًا من أنّ غياب الاستراتيجية سيُمكّن من عودة حركة (حماس) أقوى من أيّ وقتٍ مضى، وكلّ ذلك يعود إلى السياسة الفاشلة لحكومة نتنياهو، متطرقًا إلى المحطات التي تخلّت فيها واشنطن عن تل أبيب، بسبب استمرار الهجمات لفتراتٍ طويلةٍ واتساعها في أكثر من جبهةٍ.
علاوة على ما جاء أعلاه، ذكر الجنرال أنّه فيما يتعلّق بقطاع غزة، فإنّ نتنياهو لم يكن ينوي إنهاء الحرب التي أوقفها الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب بشكلٍ طارئٍ، مضيفًا أنّه “لم يتم التخطيط لليوم التالي للحرب، رغم استمرارها لمدة عاميْن، رغم أنّ الإنجاز الأعظم هو عودة جميع الأسرى الأحياء وبعض الجثامين”، على حدّ تعبيره.
ومضى الجنرال زيف قائلاً إنّ: “الصوت العاقل دأب على القول طوال الحرب إنّ الأسرى لن يعودوا إلّا بالتسوية وليس بالقتال، والنتيجة أنّ حماس بقيت بلا أدوات ضغطٍ، ولذلك فهي في عجلة من أمرها لإعادة بناء سلطتها وقدرتها على المساومة”.
وأوضح أنّه “ليس مهمًا ما يمكن قوله من كلمات عن اتفاق وقف إطلاق النار، ففي النهاية نحن أمام حماس، المنظمة المسلحة التي مع مرور كلّ يومٍ تزداد قوّةً، وتتضاءل فرصة تحقيق مضمون اتفاق انفصال غزة عن الحركة، لكن ما تقوم به منذ التوقيع هي إستراتيجيّة لصياغة واقعٍ جديدٍ يتمثل في حرب استنزاف ضمن ترتيباتٍ مفروضةٍ، لأنّها تدرك جيّدًا أنّ الأمريكيين لن يتركوا الاتفاق يتبخّر، لأنّه إنجازٌ مهّمٌ جدًا بالنسبة لهم”.
وأوضح في ختام تحليله أنّ “حماس تعلم الآن أنّ الأيدي الإسرائيلية مقيّدة خلف ظهرها، وباتت حرّةً بمواصلة استفزازها، أمّا تل أبيب فقد وجدت نفسها في فخٍّ سياسيٍّ، رغم أنّ نتنياهو سيكون سعيدًا بالعودة للحرب، لأنّها مريحة له، وتثير قاعدته المتعطشة للعودة للنصر الكامل الذي وعد به في إطار الحرب الأبدية، وغيرُ مهتمٍ بنجاح الاتفاق، وسيواصل القول (لا) للقوات المستقبليّة التي ستدخل غزة، مع أنّ هذا النقاش خلال شهر وشهرين لن يكون له أهمية، لأنّ حماس ستكون قويةً لدرجةٍ أنّه لن تكون هناك قوّةً تطوعيّةً مستعدّةً، قادرةً على دخول غزة”، على حدّ وصفه.
إلى ذلك، نقل موقعٌ إسرائيليٌّ (بيز بورتال) عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ في تل أبيب قولها “نجحت حماس في تجنيد نحو 5000 مقاتل جديد منذ سريان وقف إطلاق النار، مستغلةً الغضب الشعبيّ والدمار في غزة لزيادة قوتها البشريّة، والأهّم من ذلك كلّه، كونها مصدر دخل، فالانضمام إلى حماس يعني الحصول على راتبٍ منتظمٍ.
وتابعت المصادر: “يُركّز التجنيد على الشباب المشردين، مستخدمةً خطابًا دينيًا ووعودًا بالانتقام من إسرائيل، مع ذلك، يفتقر معظم المجندين الجدد إلى تدريبٍ عسكريٍّ كافٍ، ممّا يحدّ من كفاءتهم مقارنةً بالوحدات المخضرمة التي دُمرت”.
ولفت الموقع، نقلاً عن ذات المصادر، إلى أنّ “التقديرات الإسرائيليّة تُشير إلى أنّه لدى حركة (حماس) حوالي 7000 صاروخ من مختلف المدى، بما في ذلك استئنافٍ محدودٍ للإنتاج المحليّ منذ وقف إطلاق النار، ويزداد تقييد الصواريخ بعيدة المدى بسبب الحصار الإسرائيلي لممر فيلادلفيا، الذي كان يُستخدم لتهريب المواد من إيران عبر مصر”.

شاركها.