يعقد اليوم الملتقى الفقهي بين الشرع والطب في نسخته الـ 34 بالجامع الأزهر تحت عنوان “رؤية معاصرة”، والذي يأتي هذا الأسبوع ليتناول محورًا متميزًا هو “مذهب الإمام أبي حنيفة في تناول القضايا المعاصرة: رؤية فقهية”، بمشاركة نخبة من العلماء وأساتذة الفقه وأصوله من جامعة الأزهر الشريف.

ويُشارك في فعاليات الملتقى كلٌّ من الدكتور محمد صلاح حلمي سعد، أستاذ ورئيس قسم أصول الفقه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، والدكتور أحمد لطفي زكي شلبي، أستاذ مساعد ورئيس قسم الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدسوق بجامعة الأزهر، فيما يُدير الحوار الدكتور محمد مصطفى يحيى، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم، في لقاء فكري يجمع بين التأصيل الشرعي والرؤية المعاصرة.

وأكد الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أن هذا الملتقى يُمثل منصة فكرية وعلمية فريدة تُبرز العلاقة الوثيقة بين الشرع والطب، وتُجسد رسالة الأزهر في الجمع بين ثوابت الدين ومتطلبات العصر الحديث، موضحًا أن سيرة الإمام أبي حنيفة كانت نموذجًا في الجمع بين العلم والعمل والورع، وأن فقهه كان قائمًا على منهج دقيق يجمع بين النص والاجتهاد، ويستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية باعتبارهما الأصلين الأساسيين للتشريع.

وأشار فؤاد إلى أن الإمام أبا حنيفة كان من أوائل من اعتمدوا القياس والإجماع كوسائل استدلال علمية عند غياب النص الصريح، مؤكدًا أن هذا النهج جعل مذهبه قادرًا على مواكبة القضايا المستجدة في كل عصر، من خلال منهج فقهي يقوم على الاستنباط المنطقي والمرونة الفكرية.

ومن جانبه، شدد الدكتور هاني عودة على أهمية الملتقى في رفع مستوى الوعي الديني والعلمي لدى المجتمع، مؤكدًا أن فكر الإمام أبي حنيفة يُمثل مدرسة متكاملة في الاجتهاد، ترتكز على المقاصد الشرعية وتُقدّم حلولًا عملية تراعي ظروف الإنسان وتغيرات الزمان، مضيفًا أن هذا الفكر الاستباقي يُعد مرجعًا مهمًا في التعامل مع القضايا الحديثة مثل المسائل الطبية المعقدة والتغيرات المناخية والتطورات الاجتماعية.

وأضاف أن المذهب الحنفي يتميز بما يُعرف بـ”الفقه الافتراضي”، وهو أسلوب اجتهادي يقوم على استشراف المستقبل ووضع الأحكام المناسبة للمستجدات قبل وقوعها، ما يمنحه قدرة استثنائية على معالجة القضايا المعاصرة دون الإخلال بروح الشريعة أو مقاصدها الكبرى، مؤكدًا أن ذلك يعكس عمق الفكر الإسلامي ومرونته في مواجهة التحديات الحديثة.

ويأتي هذا الملتقى استمرارًا لسلسلة اللقاءات العلمية التي يُنظمها الجامع الأزهر أسبوعيًا بعد صلاة المغرب بـالظلة العثمانية، سعيًا إلى نشر ثقافة الحوار العلمي البنّاء بين العلماء والمختصين، وتعزيز وعي الأجيال الجديدة بالعلاقة المتينة بين الشرع والعلم في خدمة الإنسان والمجتمع.

شاركها.