كشفت بيانات “باروميتر الصناعة الوطنية” لعام 2024 عن أداء استثنائي للقطاع الصناعي المغربي، الذي حطم أرقاما قياسية جديدة، مؤكدا صلابته وقدرته على النمو في خضم مناخ اقتصادي عالمي مليء بالتحديات.

ووفقا للتقرير، فقد بلغ رقم المعاملات الإجمالي للقطاع 898 مليار درهم، بزيادة ملحوظة بلغت 9% مقارنة بعام 2023، مما يرسخ مكانة الصناعة كقاطرة رئيسية للاقتصاد الوطني.

ولم يقتصر الأداء الإيجابي على رقم المعاملات وحده، بل امتد ليشمل كافة المؤشرات الرئيسية، حيث سجل الإنتاج الصناعي ارتفاعا بنسبة 12%، ليصل إلى قيمة 842 مليار درهم، فيما نمت القيمة المضافة الصناعية بنسبة 11% لتبلغ 240 مليار درهم.

ولعل أبرز ما حمله البارومتر هو الطفرة النوعية في حجم الاستثمارات الصناعية، التي شهدت قفزة غير مسبوقة بنسبة 30%، لتصل إلى 90 مليار درهم.

ويُعد هذا الرقم دليلا على الثقة المتزايدة للمستثمرين المحليين والدوليين في استقرار الاقتصاد الوطني وجاذبية المناخ الاستثماري الذي توفره المملكة، فضلا عن فعالية السياسات الحكومية الداعمة، وعلى رأسها ميثاق الاستثمار الجديد.

وعلى الصعيد الاجتماعي، أثبت القطاع الصناعي دوره المحوري كأكبر مشغل في الاقتصاد الوطني، حيث تجاوز إجمالي عدد مناصب الشغل حاجز المليون منصب، ليستقر عند 1,038,133 منصبا.

والأهم من ذلك، تمكن القطاع من إحداث 42,714 منصب شغل صافي خلال سنة 2024 وحدها، مما يؤكد قدرته الفائقة على استيعاب اليد العاملة والمساهمة بفعالية في تحقيق التنمية الاجتماعية والمجالية.

من جانبها، واصلت صناعة السيارات تألقها كرأس حربة للصناعة المغربية، محافظة على مكانتها كأول قطاع مصدر في المملكة، حيث بلغ رقم معاملات القطاع حوالي 196 مليار درهم، مع توفير أكثر من 250,000 منصب شغل مباشر.

ولا تعكس هذه الأرقام نجاح قطاع بحد ذاته، بل تبرز نجاح المغرب في الاندماج ضمن سلاسل القيمة العالمية وترسيخ مكانته كمنصة صناعية استراتيجية على أبواب أوروبا وإفريقيا.

وأظهرت البيانات جانبا مهما يعكس نضج النسيج الصناعي، حيث يهيمن رأس المال الوطني على القطاع بنسبة 70%، حيث تشير هذه النسبة إلى ثقة الفاعلين المغاربة في اقتصاد بلادهم وقدرتهم على قيادة مشاريع صناعية كبرى وخلق قيمة مضافة محلية.

وفي نفس السياق، أكدت المؤشرات أن الصناعات المتوسطة والمتقدمة تكنولوجيا باتت تلعب دورا محوريا، حيث ساهمت بأكثر من نصف القيمة المضافة الصناعية الإجمالية. ويعكس هذا التوجه تحولا استراتيجيا نحو الابتكار وتعزيز القدرة التنافسية القائمة على المعرفة والتكنولوجيا.

ويُعزى هذا النجاح الباهر إلى رؤية استراتيجية متكاملة، انطلقت منذ سنوات عبر مخططات التسريع الصناعي، وركزت على تطوير منظومات صناعية متكاملة. وقد تعززت هذه الرؤية ببنية تحتية من الطراز العالمي، تشمل ميناء طنجة المتوسط الذي يعد بوابة لوجستية رئيسية، ومناطق صناعية متطورة، وشبكة طرق ومواصلات حديثة.

كما يظهر التحسن الكبير في الإنتاجية، التي ارتفع متوسطها لكل منصب شغل بنسبة 30% خلال العقد الأخير ليصل إلى 231,000 درهم سنويا، نتيجة للاستثمار في تحديث آلات الإنتاج وتأهيل الكفاءات البشرية.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.