كرس مجلس الأمن الدولي انتصارا دبلوماسيا حاسما للمملكة المغربية، باعتماده قرارا تاريخيا يصف مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بأنها الحل الأنجع والأكثر واقعية لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.

ويأتي هذا القرار ليعزز المسار الذي رسمته الرباط بحكمة وصبر على مدى سنوات، بينما كشف في المقابل عن حجم العزلة والتخبط الذي يعيشه النظام الجزائري، والذي لم يجد خيارا سوى الامتناع عن المشاركة في التصويت، في خطوة تعكس إقراره بالهزيمة أمام الحجج المغربية الدامغة والدعم الدولي المتزايد لمشروعية موقفها.

وقد أعلن مجلس الأمن عن دعمه الصريح للخيار المغربي بأغلبية ساحقة بلغت أحد عشر صوتا من أعضائه الخمسة عشر، وهو ما يمثل إجماعا دوليا على جدية ومصداقية المقترح المغربي كقاعدة وحيدة للمفاوضات.

ودعا القرار بشكل واضح كافة الأطراف إلى الانخراط في العملية السياسية بناء على مبادرة الحكم الذاتي المغربية المقدمة عام 2007، الأمر الذي يغلق الباب أمام الأطروحات الانفصالية المتجاوزة التي رعتها الجزائر لعقود. وقد رحبت المملكة المغربية، على لسان عاهلها، بهذا القرار الذي ينصف عدالة قضيتها الوطنية ويجدد التأكيد على التزامها الراسخ بالحل السياسي السلمي.

وفي دلالة على حجم الصدمة والارتباك داخل الجزائر، كشفت تدوينة للسياسي الجزائري عبد الرزاق مقري، الرئيس الأسبق لحزب مجتمع السلم، عن حالة من النقد الذاتي والاعتراف الضمني بفشل سياسات بلاده.

وطرح السياسي عبد الرزاق مقري مجموعة من التساؤلات حول أبعاد الموقف الجزائري وتداعيات القرار. وتساءل عن أسباب امتناع الجزائر عن المشاركة في التصويت، وما إذا كان ذلك “تسليما بالأمر الواقع أم أنه خضوع لضغوطات ما”، وعن سبب عدم تحميل ممثلها المسؤولية للولايات المتحدة “حاملة القلم”.

وتابع المصدر أن تساؤلات مقري شملت أيضا تقييم “التضحيات الكبيرة” التي قدمتها الجزائر بسبب هذا الملف، ومن المسؤول عن الخسائر وكيفية المحاسبة عليها، بالإضافة إلى التساؤل عن سبب عدم السماح بـ”مناقشة مجتمعية حرة” للقضية في الجزائر لتجنب مثل هذا التحول.

واستعرضت التدونية استفسارات أخرى حول مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية، ومصير مشروع المغرب العربي، وتأثير هذا التحول على النفوذ الخارجي في المنطقة. وختم مقري تدوينته بنقل تساؤل عن سبب ضياع فرصة الوصول إلى حل عبر الحوار بين دول المنطقة على مدى السنوات الماضية بما يضمن حقوق ومصالح الجميع دون تدخل أجنبي.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.