أقام شخص أوروبي دعوى قضائية ضد محامٍ ادعى فيها تعرضه للخداع والتضليل من جانب المدعى عليه، الذي أقنعه بالتوقيع على مستند ظنه عقد شراكة استثمارية، ليتبيّن لاحقاً أنه إقرار مديونية بقيمة مليون و740 ألف درهم.

وقال المدعي في بيان دعواه إنه اتفق مع أحد المحامين على استثمار مبلغ قدره 1.74 مليون درهم، على أن يتم اقتسام الأرباح معاً، ولم يدوّن الطرفان هذا الاتفاق في عقد رسمي، لكنهما تبادلا رسائل عبر تطبيق «واتس أب»، وثّقت نية التعاون والمبلغ المرصود.

وبحسب ما ورد في أوراق الدعوى، أبلغه المحامي لاحقاً بضرورة توثيق الاتفاق أمام كاتب العدل لضمان حقوق الطرفين، لافتاً إلى أنه وافق بحُسن نيّة، وتوجّه إلى مكتب المحامي ذاته، حيث جرى إعداد المستند إلكترونياً عبر النظام الخاص بالمكتب، ولم يتخيل حينها أن المستند الذي سيوقّع عليه لم يكن عقد شراكة، بل إقرار مديونية يلزمه دفع المبلغ نفسه للمدعى عليه.

وأضاف المدعي في شكواه أنه لا يجيد اللغة العربية، وإن المحامي لم يوفّر له ترجمة معتمدة، بل اكتفى بإخباره أن التوقيع إجراء روتيني لإثبات الشراكة، دون أن يشرح له فحوى المستند أو آثاره القانونية، مؤكداً أنه وقّع بناءً على الثقة، ليكتشف لاحقاً أن ما وقّعه هو التزام مالي لا صلة له بالاتفاق الأصلي.

وأفاد بأن المستند أُنجز من خلال النظام الإلكتروني لمكتب المحامي، وليس من حسابه الشخصي كما يقتضي القانون، مشيراً إلى أن ذلك مخالفة للإجراءات النظامية التي تنص على أن يقدم الإقرار صاحبه بنفسه أو عبر وكيل رسمي. كما أفاد بأن كاتب العدل لم يتحقق من فهمه لمضمون الإقرار ولم يقرأه عليه بلغة يفهمها، ما جعل التوثيق حسب دعواه خالياً من المشروعية.

وتابع أنه حرر بلاغاً جنائياً في مركز الشرطة اتهم فيه المحامي بارتكاب جريمة التدليس والاحتيال عبر استغلال جهله باللغة، وخداعه للتوقيع على مستند يخالف الاتفاق الحقيقي بينهما.

وخلال نظر الدعوى أمام المحكمة المدنية في دبي، تقدّم المدعي بطلب لإدخال موظف في مكتب المحامي باعتباره الشخص الذي تواصل معه عبر مكالمة فيديو، وطلب منه الإقرار بالمبلغ من دون إتاحة فرصة مراجعة النص أو الترجمة، مشيراً إلى أن الإقرار تم من خلال هاتف الموظف الشخصي، وليس من خلال النظام الرسمي للمدعي.

من جهته، قدّم وكيل المدعى عليه مذكرة دفاع مفصّلة، نفى فيها كل ما ورد على لسان المدعي، موضحاً أن الأخير وقّع الإقرار أمام كاتب العدل بحضور شهود وبكامل إرادته، دون إكراه أو تضليل، وأن المستند تمّ وفق الأصول القانونية، ما يمنحه صفة الرسمية والحجية الكاملة في الإثبات.

وبعد تداول المذكرات والمرافعات، استعرضت المحكمة النصوص القانونية ذات الصلة، أبرزها المادة (7) من المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2022، بشأن تنظيم مهنة الكاتب العدل، التي تُلزم الكاتب العدل بالتحقق من هوية وأهلية الأطراف، وقراءته لمحتوى المعاملة، وشرح آثارها قبل التوقيع عليها. كما استندت المحكمة إلى أحكام سابقة لمحكمة التمييز بدبي، أكدت أن توقيعات ذوي الشأن أمام كاتب العدل تكتسب صفة الرسمية ولا يجوز الطعن فيها إلا بالتزوير.

وأوضحت المحكمة في حيثياتها أن الغش أو التدليس المفسد للرضا لا يثبت إلا إذا استخدمت وسائل احتيالية من شأنها خداع الطرف الآخر ودفعه إلى التوقيع على غير ما يريد، وأن مجرد الادعاء بعدم الفهم أو الجهل باللغة لا يكفي وحده لإبطال التصرف طالما تم أمام جهة رسمية مختصة.

وأضافت المحكمة أن المدعي لم يقدّم ما يثبت أن كاتب العدل قصّر في أداء واجبه أو امتنع عن القراءة أو الترجمة، ولم يتقدّم بأي طعن في سلامة إجراءات التوثيق. وبالتالي، فإن الإقرار الموقع أمام كاتب العدل يظل صحيحاً ونافذاً بذاته، ولا يجوز المساس بحجيته في غياب دليل قاطع على التزوير أو التدليس.

وانتهت المحكمة إلى أن الدعوى قائمة على غير سند من القانون أو الواقع، وأن ما يدعيه المدعي لا يغيّر من حقيقة أنه وقّع على إقرار مديونية رسمي أمام كاتب عدل مختص، لتصدر حكمها برفض الدعوى وإلزام المدعي الرسوم والمصروفات وألف درهم مقابل أتعاب المحاماة.

• المدعي زعم أنه لم يفهم لغة «العقد».. ووقعه بناءً على الثقة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

المصدر: الإمارات اليوم

شاركها.