ألقى القرار الأممي التاريخي الداعم للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الضوء على “العلاقة الإستراتيجية والتاريخية” التي تجمع المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.

وأشاد الملك محمد السادس في خطابه، أول أمس الجمعة، بجهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الدولة “صاحبة القلم” في إعداد المقرر الأممي التاريخي 2797.

ويرى خبراء في الشأن الدولي أن القرار الأممي رسم ملامح مستقبل زاهر للعلاقات الإستراتيجية بين واشنطن والرباط، نظرا لدور الأخيرة في المنطقة باعتبارها “قوة إقليمية”.

لحسن أقرطيط، الخبير في العلاقات الدولية، قال إنه “مما لا شك فيه أن القرار الأممي الأخير سيُرسّخ مكانة المغرب في السياسة العالمية، وخاصة في إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية”.

وأضاف أقرطيط لهسبريس أن واشنطن “اعتبرت دائمًا أن المغرب يُشكّل نقطة ارتكاز أساسية في السياسة الخارجية الأمريكية، شأنه في ذلك شأن إسرائيل في الشرق الأوسط، وكوريا الجنوبية في آسيا، وبولندا في أوروبا، وكولومبيا في أمريكا اللاتينية”، مردفا: “في القارة الإفريقية تُعدّ المملكة المغربية الحليف الأقوى لواشنطن”.

وتابع الخبير ذاته: “القرار الأمريكي الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب في دجنبر 2020 لم يكن قرارًا ظرفيًا أو شخصيًا، بل كان تعبيرًا عن رؤية إستراتيجية للدولة الأمريكية”، مشيرا إلى أن الأخيرة “فرضتها اعتبارات المصلحة القومية العليا؛ فواشنطن التي كانت غائبة نسبيًا عن الساحة الإفريقية لمدة تقارب القرن تعيد اليوم تموضعها الجيوسياسي في القارة، خصوصًا في ظل التحولات التي شهدتها مناطق شمال وغرب إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط خلال العقدين الأخيرين”.

وزاد المتحدث نفسه: “من هذا المنطلق فإن الموقف الأمريكي الداعم لمغربية الصحراء يُجسّد مصلحة حيوية وإستراتيجية للولايات المتحدة في هذه المنطقة الحساسة، كما يُعزز مكانة المغرب على المستويين الإقليمي والدولي ويقوّي ميزان القوى لصالحه”.

وعبّرت كلمة المندوب الأمريكي داخل مجلس الأمن، وفق أقرطيط، عن هذا التوجه بشكل واضح، حيث أكدت دعم واشنطن للمصالح العليا للمملكة المغربية، خصوصًا في ما يتعلق بقضية الصحراء. وجاء تصريح المبعوث الأمريكي مسعد بولس بعد الجلسة ليؤكد هذا الموقف، بدعوته الجزائر إلى الانخراط الجاد في المفاوضات والحوار مع المغرب، وهو ما يعكس التزامًا أمريكيًا مستمرًا بإنهاء هذا النزاع وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

من جهته قال حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن “العلاقات بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية من أقدم وأمتن العلاقات في العالم العربي والإفريقي، إذ تمتد جذورها إلى قرون، وهي علاقات اتسمت دائمًا بالعمق، والاستمرارية، والطابع الإستراتيجي”.

وأضاف بلوان لهسبريس أنه “حتى قبل القرار الأممي الأخير المتعلق بالصحراء المغربية كانت واشنطن تنظر إلى الرباط كشريك موثوق وحليف إستراتيجي في مختلف المجالات”، مردفا: “غير أن الانتصار الدبلوماسي الذي حققته المملكة المغربية، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من حلفائها في الغرب والشرق، شكّل منعطفًا حاسمًا في مسار هذه العلاقات، ومن شأنه أن يفتح مرحلة جديدة من التعاون متعدد الأبعاد في الشأن الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي، فضلًا عن الأمني والعسكري”.

لقد شكل القرار الأمريكي الصادر سنة 2020، القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وفق المتحدث ذاته، “دفعة قوية للعلاقات الثنائية، ومؤشرًا واضحًا على تطور الرؤية الإستراتيجية الأمريكية تجاه المملكة”، وزاد: “تتجلى هذه العلاقة المتميزة في عدة مجالات، أبرزها التعاون الاقتصادي وتبادل المعلومات والتنسيق السياسي والعسكري بين البلدين، سواء في القضايا الإقليمية أو في الملفات المرتبطة بالشرق الأوسط وإفريقيا”.

ويبرز أيضًا التعاون العسكري، حسب الباحث ذاته، “من خلال احتضان المملكة المغربية لسنوات طويلة أضخم المناورات العسكرية الأمريكية في إفريقيا، المعروفة بـ ‘الأسد الإفريقي’، التي تُنظّم بمشاركة أكثر من 20 دولة، إلى جانب حلف شمال الأطلسي، وتشمل مناطق من الصحراء المغربية”.

وختم بلوان تصريحه قائلا: “إن هذا الزخم الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي يؤكد أن الانتصار التاريخي الذي حققته الدبلوماسية المغربية، بدعم من واشنطن في مجلس الأمن، سيفتح آفاقًا واسعة للعلاقات بين البلدين؛ فمن المنتظر أن يشهد المستقبل القريب مزيدًا من التنسيق السياسي والاستثمار الاقتصادي والتعاون الأمني، على اعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى المملكة المغربية كشريك موثوق يتمتع بالمصداقية، وعنصر استقرار حيوي في إفريقيا، وركيزة أساسية للسلام والأمن في منطقة المتوسط والساحل والصحراء”.

المصدر: هسبريس

شاركها.