أكدت الناطقة الرئيسية باسم المفوضية الأوروبية، باولا بينهو، أن استئناف مفاوضات اتفاقية التجارة الحرّة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي يمثّل «تطورًا بالغ الأهمية بعد توقف دام نحو عقدين»، مشيرة إلى أن الكويت كانت ولا تزال شريكًا محوريًا في هذه العلاقة.
وفي لقاء خاص مع «» في بروكسل، قالت بينهو: «أشعر بارتباط شخصي بهذا الملف، قريب جداً إلى قلبي، لأنني عملت على مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون قبل 20 عاماً»، مستطردة: «كنت حينها أشارك في تنسيق تلك المفاوضات، ولذلك يسعدني جدًا أن أرى اليوم عودة هذه المحادثات بعد توقّف طويل».
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى دول الخليج باعتبارها منطقة «ذات إمكانات هائلة»، مؤكدة أسفها لأن الاتفاق لم يُستكمل في الماضي، لكنها شددت على أن استئناف المفاوضات الآن «أفضل من ألّا تُستأنف أبدًا»، وقائلة «إنه لأمر مؤسف أننا لم نتمكن من إتمام الاتفاق قبل عقدين، لأننا نرى اليوم حجم المصالح المشتركة والفرص المتبادلة بين الجانبين».
وعبّرت عن سعادتها باستئناف المفاوضات، آملة أن تقود هذه الخطوة إلى نتائج ملموسة قريبًا، «إذ إن هناك مجالات كثيرة يمكننا أن نعمل فيها معاً».
توسعة العلاقات
ورداً على سؤال حول طبيعة العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والكويت، ولا سيما مع انعقاد الاجتماع الوزاري المشترك لمجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في الكويت خلال أكتوبر الماضي، أكدت بينهو أن العلاقة مع الكويت تتجاوز الجانب الاقتصادي، مشيرة إلى إمكانية توسُّعها لتشمل مجالات أخرى.
وقالت: «العلاقة لا تقتصر فقط على الجانبين الاقتصادي أو الثقافي، بل يمكن أن تمتد إلى مجالات أخرى، بما في ذلك التعاون بالقضايا الدفاعية والأمنية، فهذه مجالات يمكن استكشافها في المستقبل على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».
وأكدت أهمية الاستفادة من الزخم الجديد في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، قائلة: «لقد انتظرنا طويلا لإحياء هذا المسار، وأعتقد أن اللحظة الحالية مواتية لتحقيق تقدُّم حقيقي».
وأشارت إلى أن هناك وعيا متزايدا بأهمية التعاون المتوازن، سواء في التجارة أو الطاقة أو التنمية أو الابتكار، قائلة: «من الأفضل أن ننجز هذه الاتفاقية متأخرين على ألا ننجزها أبداً».
الخطابات قد تختلف أحيانًا في العلن… لكن العمل الحقيقي يجري بهدوء وبشكل منسق لتحقيق نتائج ملموسة
التطورات الدولية
وفي معرض حديثها عن نهج الاتحاد الأوروبي في التعامل مع التطورات الدولية واختلاف اللهجات الدبلوماسية أحياناً بين القادة الأوروبيين، أوضحت بينهو أن الاتحاد الأوروبي يوازن بين المواقف العلنية والعمل الدبلوماسي الهادئ في الكواليس، مؤكدة أن هذا جزء من طبيعة العمل الدبلوماسي الأوروبي.
وأردفت: «هناك دائماً فرق بين الموقف المعلن وبين الجهود التي تُبذل خلف الأبواب المغلقة»، متابعة: «القادة الأوروبيون يتواصلون باستمرار مع نظرائهم ومع الأطراف المعنيّة، مشيرة إلى أن الخطابات قد تختلف أحيانًا في العلن، لكن العمل الحقيقي يجري بهدوء وبشكل منسّق لتحقيق نتائج ملموسة».
وأضافت أن تعدد الآراء داخل الاتحاد الأوروبي أمر طبيعي يعكس تنوع الدول الأعضاء، مشددة على أن «ذلك لا يعني غياب العمل أو اتخاذ القرارات، بل هو دليل على الحيوية الديموقراطية التي تميّز المؤسسات الأوروبية».
الصراع بين إسرائيل وغزة
وفيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وغزة، قالت: «يُلاحظ أحياناً وجود تباين في الخطاب بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي المختلفة، فمثلاً، كان الممثل الأعلى للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، أكثر تركيزاً على الجوانب الإنسانية وحقوق الإنسان في غزة، بينما بدت تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، مختلفة في لهجتها ومقاربتها».
وقالت: «قد يُنظر إلى هذا التباين على أنه ينعكس على مصداقية الاتحاد الأوروبي، لكن في الواقع، لم تُخفِ الرئيسة فون دير لاين قلقها إزاء ما يجري في غزة. فهي كانت دائماً على تواصل مع نظرائها الإسرائيليين كلما ظهرت مخاوف أو تطورات تستدعي النقاش، وهنا من المهم التمييز بين ما يُعلن في العلن من مواقف سياسية أو إعلامية، وبين ما يُجرى في الكواليس كجزء من الجهود الدبلوماسية».
المصدر: جريدة الجريدة
