رصدت رئاسة النيابة العامة تفاوتا واضحا في وتيرة تطبيق العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية بين مختلف المحاكم، داعية قضاة النيابة العامة إلى توحيد الفهم وتسريع تنزيل مقتضيات القانون رقم 43.22، بما يضمن التطبيق السليم والعادل لمستجدات السياسة الجنائية الوطنية.
وأكدت المؤسسة أن هذه التفاوتات، التي كشفتها المرحلة الأولى من تفعيل القانون منذ دخوله حيز التنفيذ، تبرز الحاجة إلى مزيد من التنسيق والابتكار القضائي في اقتراح وتنفيذ العقوبات البديلة، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية لإصلاح السياسة العقابية بالمغرب وتخفيف الضغط على المؤسسات السجنية.
وأضافت رئاسة النيابة العامة أن قياس مستوى تفعيل هذه العقوبات يشكل مؤشرا علميا على مدى انخراط قضاة النيابة العامة في تنزيل بدائل الإجراءات والتدابير السالبة للحرية، مشددة على أن روح التعاون بين مختلف الفاعلين في منظومة العدالة هي الضمانة الأساسية لإنجاح هذا الورش الوطني الطموح.
جاءت جاء في كلمة ألقاها بالنيابة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أحمد والي علمي، رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية، خلال ندوة جهوية بالدار البيضاء، نظمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حول موضوع “العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية: المقاربة التشاركية مفتاح أساسي لتطبيق أمثل للقانون رقم 43.22”.
وأشار والي علمي إلى أن هذا القانون يمثل تحولا نوعيا في مفهوم العقوبة، إذ انتقل بها من مجرد وسيلة للردع إلى آلية للإصلاح وإعادة الإدماج، تمكن المحكوم عليه من البقاء في محيطه الاجتماعي والأسري دون الإضرار بمصالح الضحية أو الأمن العام.
وأوضح أن القانون حدد أربعة أصناف من العقوبات البديلة، هي العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير علاجية وتأهيلية، والغرامة اليومية، مشددا على أن النيابة العامة تضطلع بدور محوري في تفعيلها من خلال التماس تطبيقها أثناء المحاكمات، وتتبع تنفيذها، واقتراح استبدال العقوبات الحبسية بها عند الاقتضاء.
وأكد المتحدث أن رئاسة النيابة العامة أصدرت دورية توجيهية بتاريخ 11 دجنبر 2024 لتوضيح مهام قضاة النيابة العامة في تطبيق هذا القانون، كما أعدت دليلا استرشاديا نشر في موقعها الإلكتروني لتوحيد الممارسة القضائية وتيسير تنفيذ العقوبات البديلة بشكل فعال.
ودعا والي علمي إلى مواصلة التنسيق بين مكونات منظومة العدالة الجنائية على المستويات الجهوية والمحلية، وتنظيم لقاءات دورية لتبادل التجارب وتجاوز الصعوبات العملية، بهدف جعل المغرب في مصاف الدول الرائدة في تطبيق بدائل العقوبات السالبة للحرية، مؤكدا أن “روح المصلحة العامة هي المحرك الأساسي لإنجاح هذا الورش الإصلاحي الكبير”.
المصدر: العمق المغربي
