قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بطنجة، اليوم الأربعاء، بإدانة 48 متهما بينهم قاصرون بأحكام ثقيلة على خلفية أحداث العنف والاعتداء والتخريب التي رافقت احتجاجات “جيل Z” بمدن طنجة والعراش والقصر الكبير.

وبلغت الأحكام في مجموعها 160 عاما حبسا نافذا، إلى جانب 4 سنوات موقوفة التنفيذ، إضافة إلى أداء تعويضات مدنية لفائدة الإدارة العامة للأمن الوطني وبعض أفراد الأمن والقوات العمومية الذين أصيبوا خلال أحداث العنف والتخريب.

فبعد جلسات ماراطونية استمرت إلى السابعة صباحا، قضت غرفة الجنايات الابتدائية بإدانة المتهمين ضمن 3 ملفات، الأول ضم 22 متهما بمدينة طنجة، والثاني ضم 22 متهما بمدينة العراش، فيما ضم الملف الثالث 11 متهما من مدينة القصر الكبير.

ففي الملف الأول المتعلق بالمتابعين في حالة اعتقال على خلفية أحداث طنجة، وزعت المحكمة 101 عاما حبسا نافذا بحق 22 متهما، بينهم 4 متهمين أدينوا بالسجن 10 سنوات، و4 آخرين بالسجن 5 سنوات، فيما أدين 13 متهما آخر بالحبس 3 سنوات، ومتهم واحد بالحبس سنتين.

كما تم الحكم على جميع المتهمين الـ22 في الدعوى المدنية، بأدائهم تضامنا لفائدة الإدارة العامة للأمن الوطني في شخص مديرها تعويضا مدنيا قدره 300 ألف درهم (30 مليون سنتيم)، ولفائدة 3 أفراد من القوات العمومية بتعويض مدني قدره 10 آلاف درهم لكل احد منهم.

وأدين المتهمون على خلفية جنايات “إضرام النار ومحاولة السرقة الموصوفة والمشاركة في التخريب في جماعات باستعمال القوة وفي تعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة وفي إهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بمهامهم بواسطة الضرب والجرح”، كل حسب المنسوب إليه.

وفي الملف المتعلق بمعتقلي العرائش، قضت المحكمة ذاتها بإدانة 17 متهما في حالة اعتقال بالحبس النافذ 42 سنة، موزعة بين 4 سنوات لمتهم واحد، و3 سنوات لثمانية متهمين، وسنتين لسبعة متهمين، مع فصل قضية متهم واحد عن هذا الملف وإدراجه في جلسة أخرى.

وفي الدعوى المدنية التابعة، قضت المحكمة على جميع المتهمين الـ17 بأدائهم تضامنا لفائدة الإدارة العامة للأمن الوطني في شخص مديرها تعويضا مدنيا قدره 100 ألف درهم وتحميلهم الصائر تضامنا والإجبار في الأدنى في حدود نسبة المبالغ المالية المحكوم بها، وإعفاء الأطراف المدنية من باقي الصائر.

أما الملف الثالث الذي توبع فيه 11 متهما على خلفية أحداث القصر الكبير، فقد وزعت المحكمة 21 عاما حبسا نافذا على المتهمين، بينهم متهم قضت في حقه بالسجن 5 سنوات، ومتهمين اثنين بـ3سنوات، و5 متهمين بسنتين،

كما قضت في الدعوى المدنية بالحكم على جميع المتهمين الـ11 بأدائهم تضامنا لفائدة الإدارة العامة للأمن الوطني في شخص مديرها تعويضا مدنيا قدره 6000 درهم، ولفائدة 3 أفراد من القوات العمومية تعويضا مدنيا قدره 30 ألف درهم لكل واحد منهم.

معطيات وطنية

يُشار إلى أن رئاسة النيابة العامة كانت قد أعلنت عن تفاصيل التهم التي وجهت إلى 2480 شخصا تمت متابعتهم قضائيا، على خلفية تورطهم في أحداث عنف وتخريب صاحبت وقفات احتجاجية لـ”جيل Z” شهدتها عدة دن مغربية نهاية شهر شتنبر الماضي.

وكشفت النيابة العامة في تصريح صحفي أن جريمة “العصيان من طرف أكثر من شخصين وحاملين للسلاح” تصدرت قائمة الأفعال الإجرامية بنسبة بلغت 20,37% من مجموع المتابعات، تلتها مباشرة جريمة “إهانة موظف عمومي بمناسبة قيامه بمهامه واستعمال العنف في حقه نتجت عنه إراقة دم” بنسبة 17,31%، ثم “التحريض على ارتكاب جنايات وجنح والمشاركة في التجمهر المسلح” بنسبة 17,22%.

وأوضحت رئاسة النيابة العامة أن هذه المتابعات شملت 1473 شخصا في حالة اعتقال و959 في حالة سراح، وذلك بعد أن أثبتت الأبحاث تورطهم في أفعال إجرامية تتسم بالخطورة وتمس بسلامة الأشخاص والممتلكات وبالأمن والنظام العام.

وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه الأحداث كانت قد عرفت توقيف عدد من الأشخاص، أخلي سبيل 3300 منهم بعد استكمال إجراءات التنقيط من طرف المصالح الأمنية، بالإضافة إلى تسليم عدد من القاصرين المشاركين إلى أولياء أمورهم.

وفصل المصدر طبيعة الجرائم الأخرى التي توبع من أجلها المتهمون، والتي شملت تخريب ونهب منقولات جماعية باستعمال القوة، وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، وعرقلة سير الناقلات، وإحداث خسائر مادية بملك الغير، والسرقة الموصوفة، وإضرام النار عمدا في مبان غير مسكونة وناقلات، وحيازة سلاح في ظروف من شأنها تهديد سلامة الأشخاص والأموال.

وشددت رئاسة النيابة العامة في التصريح ذاته، على أن تدخلات القوات العمومية تمت وفقا للقانون بهدف حماية الأرواح والممتلكات وضمان النظام العام.

وأضاف المصدر، استنادا للمعطيات المتوفرة إلى غاية 27 أكتوبر 2025، أن الأحكام القضائية الصادرة في هذه القضايا عكست خطورة الأفعال المرتكبة، حيث أصدرت غرف الجنايات الابتدائية بمحاكم الاستئناف قرارات في حق 66 متهما، قضت بإدانة 61 منهم وتبرئة 5 آخرين.

وأوضح المصدر ذاته أن العقوبات الحبسية تراوحت بين سنة واحدة وخمسة عشرة سنة سجنا، مشيرا إلى أن المحكمة أعملت ظروف التخفيف مراعاة للوضعية الاجتماعية للمحكومين، رغم أن الحد الأقصى للعقوبة في بعض الجنايات المرتكبة يصل إلى ثلاثين سنة.

وتابعت رئاسة النيابة العامة أن المحاكم الابتدائية أصدرت 301 حكم في المجموع، منها 208 أحكام بالإدانة مع عقوبة نافذة، و66 حكما بعقوبة موقوفة التنفيذ، و27 حكما بالبراءة. وفيما يخص القضايا المتعلقة بالأحداث، فقد صدر 83 حكما قضى بتسليمهم لأولياء أمورهم، مراعاة للمصلحة الفضلى لهم.

وشددت النيابة العامة في ختام تصريحها على أنه تم الحرص خلال جميع مراحل البحث والمحاكمة على ضمان كافة شروط المحاكمة العادلة للمشتبه فيهم والمتهمين، نافية بشكل قاطع ما يروج له البعض عن وجود اعترافات تحت الإكراه.

كما اعتبرت أن الأحكام والقرارات صدرت في آجال معقولة، وأن معظم القضايا التي لا زالت رائجة يرجع سببها إلى المهل التي يلتمسها دفاع المتهمين لإعداد دفاعهم.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.