أمد/ نصف إخفاقات الشعب الفلسطيني في مواجهة تفوق المستعمرة الإسرائيلية يعود للفلسطينيين أنفسهم، سوء إداراتهم، انقساماتهم، أنانيتهم الشخصية أو الحزبية أو الفصائلية أو الجهوية، والنصف الآخر يعود للبطش وللاحتلال وللتسلط ولعداونية العنصرية الإسرائيلية.

الانقسام مرض فلسطيني طاغٍ في منطقتي الاحتلال الأولى والثانية، ولم يسلم منه أحد، في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، يتحمل مسؤولية الانقسام طرفا المعادلة: الحركة الإسلامية المنقسمة أصلاً بين الشمالية والجنوبية، وبينهما وبين الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وفي مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، بين سلطة رام الله وسلطة غزة، وبين الفصيلين فتح وحماس.

الانقسام الفلسطيني في منطقتي الاحتلال، يقدم الفلسطيني خدمة مجانية لعدوهم المتطرف الشرس العنصري، المعادي لكل ما هو فلسطيني، وهذا تفهمه كافة الفصائل وكافة الأحزاب، في منطقتي الحدود.

في مناطق 48، كل منهما يوجه الاتهامات للطرف الآخر، ويعتمد على وقائع سياسية، يستغلها، يستثمرها، ليدلل على صواب موقفه وخياراته في التفرد، والوطنية، والدوافع المختلفة، والادعاء والتفرد بالصواب والحصيلة واحدة، وهي الحفاظ على الانقسام، على التفرد، على الضعف، ونتيجة ذلك : 1 انكفاء المواطن الفلسطيني عن القوى السياسية، وعدم الوصول إلى صناديق الاقتراع، وخسران التمثيل الواقعي المطلوب، مع أن القائمة المشتركة حينما كانت مشتركة وصل تمثيلها إلى 15 مقعداً، وحينما فقدت التحالف والوحدة تراجعت إلى عشرة مقاعد، وتراجع التصويت من 64 بالمئة إلى ما دون الخمسين بالمئة، مما يدلل على أن المواطن الفلسطيني عاقب الطرفين بالانكفاء عن الوصول إلى صناديق الاقتراع.

وفي مناطق 67، الانقسام الحاد الدموي العبثي، والادعاء بالوطنية والحرص والتحكم بالاستئثار بالمنطقة لكل منهما، رام الله وغزة، والاستئثار بما يتوفر لكل منهما من مكانة ومؤسسة وسلطة، دلل بكل وضوح أن الادعاءات بالتمثيل والحرص مجردة من الحس بالمسؤولية، فالتمثيل عبر مؤسسات منظمة التحرير فاقدة قيمتها:

أولاً: لم تتم الانتخابات لكل مؤسسات سلطة رام الله، ولكل مؤسسات منظمة التحرير منذ سنوات طويلة.

وثانياً: طالما أن حماس والجهاد والمبادرة خارج مؤسسات المنظمة، فهي فاقدة لقوة التمثيل ومضمونه ومنطقه وكيفية تشكيل المنظمة طوال السنوات الماضية وهي حصلت على شرعية التمثيل من خلال مشاركة الجميع بدون استثناء، منذ بدايات التأسيس.

والشيء المؤكد أن حماس والجهاد والمبادرة لا يملكون شرعية التمثيل أو أن يكونوا البديل لشرعية تمثيل منظمة التحرير وسلطتها الوطنية، وتتضح هذه الحصيلة من خلال موقف تركيا وقطر حيث تتمسك العاصمتان بشرعية التمثيل الفلسطيني لمنظمة التحرير وحكومتها وسفاراتها.

ابراهيم عبدالله صرصور، رئيس الحركة الإسلامية السابق في مناطق 48، تجاوز كل الخلافات والتباينات وقدم اقتراحاً وجاهياً لإعادة العمل والتحالف والوحدة تحت سقف وبرنامج وتوجهات «القائمة المشتركة الجديدة» بين القوى السياسية: 1 الحركة الإسلامية، 2 الجبهة الديمقراطية، 3 التجمع الوطني، 4 العربية للتغيير، ومشاركة شخصيات، وأن تكون لجنة المتابعة، ولجنة السلطات المحلية حاضنة لهذا التوجه الضروري.

عناصر تدعي ما تدعيه توجه اتهامات متبادلة، من قبل طرفي المعادلة، في مناطق 48 تُعبر عن ضيق أفق، أو لديها مصالح ذاتية أنانية، أو لديها ارتباطات غير معلنة، غير نظيفة، تقوم إما بتوزيع الاتهامات، أو بترديدها خدمة لأغراض غير وطنية، وإن كانت تدعي الحرص عليها، وهو حال القصف الإعلامي غير النظيف من قبل أدوات الطرفين في مناطق 67 بين فتح وحماس، جيث الادعاء الكاذب بصواب موقف كل منهما.

في كلا الموقعين، ومن كلا أطراف المعادلة، يتطلب الترفع عن الاتهامات، والانقسامات، فالنتائج السياسية المذلة التي وصل إليها الشعب الفلسطيني، في منطقتي الاحتلال 48 و67، تتطلب إعادة النظر في الخيارات والأولويات، فالتضحيات العظيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولا يزال يقدمها في الضفة الفلسطينية، تستحق التوقف والعمل من أجل: 1 الأئتلاف في مناطق 48 لخوض الانتخابات بقائمة وطنية مشتركة أو بقائمتين متحالفتين في مواجهة سياسات حكومة نتنياهو واليمين الإسرائيلي العنصري، 2 التوصل إلى وحدة وطنية بين فتح وحماس في إطار مؤسسات منظمة التحرير، والقفز عن كل الخلافات التي لم يعد لها سبب أو مبرر بعد 7 أكتوبر وتحولاتها وتداعياتها.

شاركها.