كشفت دراسة جديدة أجرتها جامعة دي مونتفورت دبي (DMU) أن حوالي ثلاثة أرباع المقيمين في الإمارات (7من كل 10)، يطالبون بضرورة زيادة التوعية حول الاستخدام الأخلاقي لتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ حيث بيّنت نتائج الدراسة أن النمو السريع في برمجيات الذكاء الاصطناعي وتبنّيها على نطاق واسع في مختلف القطاعات، أدى إلى تعزيز الشعور بالمسؤولية لدى الأفراد تجاه الدور الذي تؤديه هذه التكنولوجيا في حياتهم المهنية والشخصية.
واستكشفت الدراسة، كيفية تفاعل الأفراد من مختلف الفئات العمرية مع التحولات التي يفرضها عصر الذكاء الاصطناعي، بدءًا من استخداماتهم اليومية لهذه التقنية، ووصولًا إلى توقعاتهم من المؤسسات التعليمية وأصحاب العمل في ظل اقتصاد رقمي يشهد نموًا متسارعًا، لتقدم بذلك صورة تحليلية واضحة للتوجهات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والتعليم، وفرص العمل في الإمارات.
تعزيز الوعي والتعليم
وتفصيلاً: أشار أكثر من 60% من المشاركين في الاستطلاع إلى أنهم يواظبون على استخدام أدوات مثل “شات جي بي تي”، “جيميني“، أو “كوبايلوت” لأغراض التعلم، وحل المشكلات، أو أداء المهام الوظيفية، في حين أكد 72% منهم على أهمية تعزيز الوعي والتعليم حول استخدام هذه التكنولوجيا.
وعلى الرغم من أن 59% من المقيمين في الإمارات أفادوا بأنهم يشعرون بالثقة عند دخول سوق العمل بعد التخرج، إلا أن هذه النسبة تنخفض إلى 44% بين الفئة العمرية من 18 إلى 24 عامًا، مما يعكس الحاجة الملحة إلى تعزيز دور المؤسسات التعليمية في إعداد الخريجين لمواكبة التحولات المتسارعة في مختلف القطاعات.
أكثر سهولة
وأشار ثلثا المشاركين في الدراسة (67%) إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي تجعل الحياة اليومية أكثر سهولة، بينما عبّر 47% منهم عن مخاوفهم من أن الاعتماد المفرط على هذه التقنيات قد يضعف مهارات التعلم والتفكير النقدي.
واشارت البيانات إلى أن علاقة سكان الإمارات مع الذكاء الاصطناعي تتجاوز مرحلة الفضول والاستكشاف، لتصبح أكثر تفاعلًا واستنادًا إلى القيم. وإلى جانب ذلك، تسلط الدراسة الضوء على أهمية القدرات الإنسانية في ظل تسارع تأثيرات الذكاء الاصطناعي على مختلف جوانب الحياة، إذ أفاد أكثر من نصف المشاركين (56%) بأن تجربتهم الجامعية زوّدتهم بمهارات عملية ما يزالون يوظفونها حتى اليوم، حتى خارج مجالات تخصصهم، مما يؤكد على أهمية الإبداع، والتواصل، والقدرة على التكيف، وحل المشكلات في بيئة العمل الحديثة.
الثقة في دخول سوق العمل
وفي حين أظهرت نتائج الاستطلاع أن 44% فقط من الشباب يشعرون بالثقة حيال دخول سوق العمل في الإمارات، تسعى جامعة دي مونتفورت دبي إلى معالجة هذه الفجوة من خلال تقديم نهج تعليمي مبتكر يتمثل في نظام التدريس بالكتل (Block Teaching).
التدريس بنظام الكتل
وحظي نموذج التدريس بنظام الكتل بتأييد قوي من المشاركين في الدراسة، حيث أشار 52% منهم إلى أن التركيز على مادة دراسية واحدة في كل كتلة مكثفة يمثل أسلوب تعلم أكثر فعالية بالمقارنة مع دراسة مقررات متعددة في وقت واحد.
وتركز جامعة دي مونتفورت دبي، التي أجرت الدراسة، على دمج الاستخدام المبتكر للبرمجيات التوليدية في مناهجها الدراسية بهدف تزويد الطلاب البالغ عددهم 3000 طالب، بالمهارات والمعرفة اللازمة لاستخدام هذه التقنية بشكل أخلاقي ومُبتكر، مما يمكّنهم من المساهمة في صياغة وتطوير القطاعات التي سيعملون بها في المستقبل.
توظيف قوة الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول
وأكدت نائب رئيس أول لقسم الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة، البروفيسور شوشما باتيل من جامعة دي مونتفورت، أن نتائج الدراسة تسلط الضوء على أهمية دور الجامعات في ضمان توظيف قوة الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، وأضافت: “من بين جميع الابتكارات التكنولوجية التي شهدناها خلال على مدار الخمسين عاماً الماضية، لا يوجد ما يوازي الذكاء الاصطناعي في قوته وإمكاناته”.
تسارع القطاعات
وأوضحت: “مع تسارع مختلف القطاعات نحو استثمار إمكانات الذكاء الاصطناعي، بات من الضروري أن تبقى الجامعات في طليعة هذا التحول، مما يضمن تمكين الطلاب من اكتساب المهارات المطلوبة بمسؤولية، وتعزيز وعيهم بالأبعاد الأخلاقية المرتبطة باستخدام هذه التكنولوجيا، إلى جانب دعم وتبني الابتكار الذي يمكن أن يثمر عنه هذا التقدم في مختلف المجالات”.
دمج التقنيات
من جانبه، نائب الرئيس الدولي لجامعة دي مونتفورت قال سيمون برادبري: “في الوقت الذي تركّز فيه معظم الجامعات على كيفية دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مناهجها الدراسية، نحن نطرح سؤالًا أعمق: ما المهارات التي تميز خريج جامعة دي مونتفورت وتمنحه قيمته الفريدة في عالم أصبح فيه الذكاء الاصطناعي على دراية بكل شيء”.
تنمية القدرات
وتابع قائلًا: “تكمن الإجابة في تنمية القدرات المتعمقة؛ إذ يتيح نموذجنا التدريسي بنظام الكتل للطلبة فرصة التفرغ لإتقان مادة واحدة في كل مرة، مما يرسّخ لديهم خبرة متعمقة تتجاوز المعرفة السطحية. ومن خلال هذا النموذج، يتعلم الطلبة كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة فعّالة، بالتوازي مع تطوير مهارات الإبداع، والتفكير النقدي، والتفاعل الثقافي، وهي مهارات لا يمكن للخوارزميات محاكاتها. وبهذا، تسهم الجامعة في بناء مسيرة مهنية مرنة قادرة على مواكبة تحديات سوق العمل المستقبلية”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم
