أثار مشروع إنشاء مركز الألعاب الإلكترونية بالدار البيضاء موجة واسعة من الجدل داخل أوساط المتتبعين والفاعلين في المجال الرياضي والتقني، بعد بروز معطيات جديدة تكشف عن اختلالات في طريقة إعداد الاتفاقية، وتغييرات مفاجئة مست جوهر المشروع وهيكلته الإدارية، بل وطرحت علامات استفهام حول إقصاء الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية من التوقيع على الاتفاقية رغم كونها الجهة الوصية والمخولة قانونا بتأطير هذا النوع من الأنشطة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن السبب الرئيسي وراء عدم إدراج الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية كطرف في الاتفاقية يعود إلى ما وصفته بـ”تخوفات من شبهة تضارب المصالح”، نظرا لأن رئيس الجامعة هو أيضا منخرط بفريق الشباب الرياضي سيدي معروف، الذي أسسه نائب عمدة الدار البيضاء عبد اللطيف الناصري، المكلف بقطاع الرياضة والثقافة بالمجلس الجماعي.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن عبد اللطيف الناصري كان إلى غضون أشهر قليلة مضت رئيسا للفريق نفسه، قبل أن تصدر في حقه عقوبة من الجامعة تقضي بتوقيفه لمدة ثلاث سنوات بسبب تلاعب في إحدى مباريات القسم الهواة، ما جعل إدراج الجامعة كطرف رسمي في الاتفاقية محاطا بحساسية قانونية وأخلاقية.
النسخة الأولى من الاتفاقية المثيرة للجدل، حددت بدقة اختصاصات ومهام كل طرف، وقد منحت الاتفاقية حينها صفة “صاحب المشروع” لجماعة الدار البيضاء، فيما أسندت رئاسة لجنة التنسيق والتتبع لوالي جهة الدار البيضاء سطات، في إشارة إلى حرص الأطراف المعنية على ضمان إشراف مؤسساتي واضح ومتوازن.
وكان المشروع في نسخته الأولى يحمل بعدا دوليا طموحا، إذ يهدف إلى إنشاء مركز متكامل للألعاب الإلكترونية يمتد على مساحة 6 آلاف متر مربع موزعة على طابقين وطابق نصفي وموقف سيارات، مع تجهيز فضاءات مخصصة لاحتضان الشركات الناشئة وتنظيم تظاهرات وبطولات دولية في هذا المجال المتنامي.
كما تم إشراك شركة “البيضاء للتهيئة” كصاحب مشروع منتدب، مع تحديد جداول زمنية دقيقة لإنجاز الأشغال، في خطوة كانت تعكس رغبة في إنجاز مشروع نموذجي يجمع بين البعد التكنولوجي والرياضي والاقتصادي.
غير أن مسار المشروع لم يسر كما كان مخططا له، إذ أُعيدت الاتفاقية إلى مجلس جماعة الدار البيضاء ومجلس العمالة من أجل إدخال تعديلات وصفت بـ”الجذرية”.
فقد تم تقليص نص الاتفاقية من 9 صفحات إلى 6 فقط، كما انخفض عدد المواد من 19 إلى 13 مادة، وهو ما اعتبره بعض المتتبعين “مؤشرا على وجود نية لإعادة تشكيل مضمون المشروع بطريقة مبهمة قد تخفي تغييرات عميقة في جوهره”.
الأمر الأكثر إثارة للجدل في النسخة الجديدة، بحسب مصادر قريبة من الملف، هو أن دور جماعة الدار البيضاء تقلص بشكل شبه كامل، كما تم تجريد والي الجهة من رئاسة لجنة التتبع، ليعوض بممثل عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل.
فقد نصت المادة الثالثة من الاتفاقية المعدلة على أن الوزارة هي صاحبة المشروع، وأن الكاتب العام للوزارة يترأس لجنة الإشراف، بينما أسندت رئاسة لجنة التتبع لقطاع التواصل بالوزارة، وهو ما يعني عمليا أن الوزارة أصبحت المتحكم الرئيسي في المشروع.
وتأتي هذه الهيكلة الجديدة في وقت يتحمل فيه مجلس جماعة الدار البيضاء ومجالس منتخبة أخرى نحو 67 في المائة من كلفة المشروع، ما جعل عددا من المستشارين الجماعيين يعتبرون أن الصيغة الحالية تضرب مبدأ الحكامة المحلية وتكرس ازدواجية في تدبير المشاريع العمومية، حيث تمول الجماعة مشروعا لا تمتلك سلطة فعلية في تدبيره أو تتبعه.
وحاولت جريدة “” التواصل مع عبد اللطيف، نائب عمدة الدار البيضاء المكلف بالشؤون الرياضية والثقافية بجماعة الدار البيضاء، من أجل تقديم توضيحات حول الموضوع، إلا أنه رفض التعليق على الموضوع.
المصدر: العمق المغربي
