دقّت النائبة البرلمانية حنان فطراس، عضو الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، ناقوس الخطر إزاء ما وصفته بـ“الجريمة المكتملة الأركان” التي تطال الموروث الأثري بجبل بوايدو المتواجد بدوار تينزرت بجماعة تغجيجت، إقليم كلميم، وذلك بعد شروع جرافات في تدمير نقوش صخرية تعود لآلاف السنين.

وقالت فطراس في تدوينة على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي “فايسبوك”، أن “أيدي الجرافات تمتد في جبل بوايدو، حيث النقوش الصخرية الضاربة في عمق آلاف السنين، لتسقط أحجارا لا تقدر بثمن، وتمحى معها شواهد حضارية توثق للحضارات العريقة التي سكنت هذه الأرض، وتركت بصماتها على الصخر قبل أن تسجل على الورق”.

وأوضحت النائبة البرلمانية أن “ما يجري في دوار تينزرت، بجماعة تغجيجت، إقليم كلميم، ليس مجرد تجاوزٍ إداري أو ورش عشوائي، بل جريمة مكتملة الأركان في حق الذاكرة المغربية والإنسانية، ونقف اليوم، ونحن نحمل في أصواتنا وجع التاريخ وغيرة الأجيال التي لن تغفر لنا هذا الصمت”.

وأشارت المتحدثة ذاتها، أن “تلك النقوش ليست رسومات بدائية كما يظن الجاهلون، بل هي مكتبة مفتوحة على الصخور، تروي قصة الإنسان القديم، صيده، طقوسه، رموزه، وتفاعله مع بيئته، وهي سجل بصري فريد يجعل من الجنوب المغربي مرجعا عالميا لدراسة بدايات الحضارة، ومفخرة وطنية لا تقدر بثمن”، وفق تعبيرها.

وأضافت، أن “هؤلاء الذين نقشوا الصخر في تغجيجت، هم من أعظم الحضارات التي عاشت على هذه الأرض، وتركت إرثها في صخورنا قبل أن نكتب نحن اليوم على الورق،
فحفروا ذاكرة أولى للحياة والثقافة، وجعلوا من المغرب متحفا مفتوحا للعالم، ومن الصعب أن نقف مكتوفي الأيدي ونرى هذا الإرث يمحى”.

من جهة أخرى، عبّرت فطراس عن إستياءها مما وصفته بـ”المشهد الذي يثير الأسى”، مشيرة إلى أن “شركات تفتح مقالع غير مرخصة، تقتلع فيها الأحجار المنقوشة، في انتهاك صارخ للقانون، وبتواطؤ الصمت واللامبالاة من بعض الجهات التي كان من واجبها حماية التراث لا تركه فريسة الطمع”.

وتساءلت قائلة: “هل يعقل أن تتحرك الجرافات أسرع من وزارة الثقافة؟ وهل يعقل أن تطمس آثار آلاف السنين قبل أن يصدر حتى بيان استنكار رسمي؟ وأي عبث هذا الذي يجعلنا نهدر تراثا عمره آلاف السنين في زمن نباهي فيه بالتحول الرقمي؟ وأي وعي ثقافي هذا الذي يسمح بتحويل موقع أثري إلى مقلع حجارة؟”، معتبرة أن “ما يحدث في جبل بوايدو ليس حادثا عرضيا، بل هو وجه من وجوه الجهل المؤسس الذي يتعامل مع التاريخ وكأنه كومة أحجار لا قيمة لها”.

وأكدت نائبة حزب “الوردة”، أن “هذه الجريمة لا تمس الجنوب وحده، بل تمس كرامة المغرب وتاريخه العميق”، مشددة في الوقت ذاته على أن “كل حجر من تلك الصخور يحمل وجها من وجوه الحضارات العريقة، وصوتا من أصوات من سبقونا، وتدميره ليس خسارة أثرية فحسب، بل خيانة لذاكرة الوطن”.

وختمت فطراس تدوينتها بدعوة السلطات العليا في البلاد إلى “تدخل فوري من أجل العمل على وقف هذه المهزلة، وفتح تحقيق نزيه لتحديد المسؤوليات، ومحاسبة كل من ساهم في هذا التخريب، بالتغاضي أو بالصمت أو بالفعل المباشر”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.