تعيش مقاطعة سيدي بليوط بالدار البيضاء على وقع حالة من الترقب والانتظار، بعدما تزايدت الأحاديث حول قرب رفع تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية إلى السلطات المعنية، بخصوص التدبير الإداري والمالي للمقاطعة، التي تعرف منذ مدة توترا داخليا وصراعات بين مكوناتها المنتخبة.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن تقرير المفتشية الذي ينتظر أن يحال قريبا على المصالح المركزية لوزارة الداخلية، يرصد مجموعة من الملاحظات المرتبطة بطريقة التسيير داخل المقاطعة، خصوصا ما يتعلق بتدبير بعض الصفقات والخدمات الجماعية وآليات صرف الميزانية.
ويأتي هذا التطور في وقت تم فيه تعيين عبد الخالق المرزوقي عاملا جديدا على عمالة مقاطعات أنفا، ما اعتبره متتبعون إشارة إلى بداية مرحلة جديدة قد تعيد ترتيب البيت الداخلي لمختلف المقاطعات التابعة للعمالة، وفي مقدمتها سيدي بليوط.
ومن جهتها، عبرت فعاليات محلية عن أملها في أن يسهم تعيين العامل الجديد على عمالة أنفا في إرساء آليات جديدة للمراقبة والمواكبة، وإعادة الثقة في المؤسسات المنتخبة على المستوى المحلي.
كما دعت إلى “اعتماد مقاربة شفافة في تدبير الشأن العام المحلي، تضع مصلحة المواطنين فوق كل اعتبار وتضمن الاستمرار في إنجاز المشاريع المهيكلة التي تحتاجها المنطقة”.
ويرى عدد من المتتبعين للشأن المحلي أن مقاطعة سيدي بليوط تقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم، بين خيار الاستمرار في منطق التدبير التقليدي القائم على الصراعات والاتهامات المتبادلة، وخيار الإصلاح الحقيقي الذي يقتضي الانفتاح، والمساءلة، والمحاسبة، انسجاما مع روح النموذج التنموي الجديد الذي يراهن على فعالية الإدارة المحلية وجودة الخدمات العمومية.
وقال سعيد الصبيطي، المستشار بمقاطعة سيدي بليوط، إن الأوضاع داخل المقاطعة “تسير من سيئ إلى أسوأ”، محملا المسؤولية لرئيسة المقاطعة وبعض نوابها الذين، بحسب قوله، “حولوا هذا المرفق العمومي إلى فضاء يسوده الارتباك وسوء التدبير”.
وأوضح أن “المقاطعة لازالت تراوح مكانها، دون أي تطور ملموس في مستوى الخدمات أو في تنفيذ المشاريع المبرمجة، بسبب غياب روح المسؤولية وضعف الحكامة في التسيير”.
وأضاف الصبيطي، في تصريح لجريدة ، أن الطريقة التي تم بها تمرير الحساب الإداري الأخير “لا تشرف أي فاعل سياسي أو إداري غيور على الصالح العام”، مؤكدا أن المعارضة داخل المجلس وجهت تنبيهات ومراسلات رسمية إلى مختلف المسؤولين على مستوى مدينة الدار البيضاء، بهدف التدخل العاجل لتصحيح مسار التسيير داخل المقاطعة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن تدبير الشأن المحلي في سيدي بليوط يتم “بشكل انفرادي وبدون إشراك حقيقي لباقي المكونات السياسية داخل المجلس”، في غياب ما وصفه بـ”النهج التشاركي” الذي يفترض أن يطبع العمل الجماعي المحلي، موضحا أن ذلك “يؤدي إلى تعطيل العديد من الملفات التنموية والخدماتية التي تهم ساكنة المنطقة”.
وفي السياق نفسه، كشف الصبيطي أن جميع أعضاء المقاطعة ينتظرون باهتمام كبير نتائج تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، التي باشرت افتحاصا لمجموعة من الملفات المالية والإدارية داخل المقاطعة، مبرزا أن “هذا التقرير سيكون حاسما في تحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة من طرف السلطات الوصية”.
وطالب المستشار الجماعي الأجهزة الرقابية بأن “تتحرك في أقرب الآجال، وأن تطبق القانون على كل من ثبت تورطه في التلاعب بالمال العام أو ارتكاب اختلالات تمس بتدبير المقاطعة”.
وحذر من أن ما يجري في سيدي بليوط، على حد تعبيره، “قد يفوق في خطورته ما حدث في جماعات أخرى مثل برشيد، وهو ما يفرض تدخلا صارما لحماية مصالح المواطنين وإعادة الثقة في المؤسسات المنتخبة”.
المصدر: العمق المغربي
