أمد/ في عيدِ الأممِ الثمانين،
انطفأتِ الشموعُ على وجهِ العالم،
وظلَّتْ فلسطينُ …
تُضيءُ بالدمِ وحدَها،
تُضيءُ حينَ ينامُ الضميرُ،
وتحرسُ المعنى…
في زمنٍ ضاعَ فيهِ المعنى…
ثمانونَ شمعةً …
تتلوَّنُ في ظِلِّها خرائطُ الأرض،
ولا يجيءُ النهارُ،
ثمانونَ عاماً من وعودٍ تتكسّرُ …
على أعتابِ طفلٍ يحملُ وطنَهُ…
في كفِّه الصغيرة…
تشيخُ الكلماتُ في فمِ الأمم،
تتعثّرُ في ممرّاتِ الخُطب،
كأنَّ السِّلمَ وعدٌ مؤجَّل،
وكأنَّ العدالةَ ظلٌّ …
يخافُ من النورِ،
ويختبئُ في جيبِ الأقوياءِ…
فلسطينُ …
وجهُ الطفلةِ المنسيّةِ …
على جدارِ القرارات،
عصفورةٌ تُغنّي …
للعائدينَ من الغياب،
ولا يسمعُها أحد،
إلا من في قلبهِ
بقيّةُ حلمٍ…
أو بقيّةُ إنسان…
في مكاتبِ الزجاجِ …
تُوزَّعُ الأوطانُ …
مثل أوراقِ الغيم،
تُقامُ دولةٌ من حديدٍ،
وتُتركُ أخرى …
تبحثُ عن نهرٍ يشبهُها،
عن ظلٍّ في الخريطة،
عن بيتٍ لا يُمحى من الذاكرة…
العالمُ يحتفلُ بعمرِه الثمانين،
يرقصُ على رمادِ حروبه،
يُصفّقُ للنصرِ الزائفِ،
ويقولُ: أنقذنا السلام …!
لكنّ العيونَ الّتي ترى …
تعرفُ أنَّ الطفلةَ ما زالت …
تُعَدُّ شهداءَها …
قبلَ أن تنام،
وتُصلّي للغائبينَ …
كي يعودوا من الذاكرةِ أحياءً….
يا ذاكرةَ الأرض،
احفري اسمَها في الصخر،
بلّلي شفتيكِ بدمعِها،
واكتبي:
ما زالتْ هنا،
ما زالتْ تُضيءُ في العتمة،
ما زالتْ تُنادي العالمَ …
أن يفتحَ عينيهِ…
فقد طالَ الانتظار،
وطالَ الحلمُ المعلّقُ …
بينَ قرارٍ وقرار،
وطالَ الليلُ على أرضٍ …
لم تزل تُضيءُها …
شموعُ الذينَ لا يُهزمون،
ولا يساومون،
ولا ينامونَ إلّا على أملٍ جديد …
فلسطين،
نبضُ العالمِ حينَ يصمت،
وآخرُ امتحانٍ …
للإنسانِ في هذا الكوكبِ العجوز،
جرحُ العدالةِ المفتوح،
وصلاةُ الذينَ لم يفقدوا البصيرةَ بعد …
وربّما تتغيّرُ الوجوهُ في المرايا،
لكنَّ الأرضَ تعرفُ أبناءَها،
وحينَ يصحو الضميرُ …
من نومِ القرون،
سيُسمَعُ في الكونِ اسمٌ واحدٌ …
يُعيدُ للعدالةِ معناها،
ويُوقظُ النورَ من رماده:
فلسطين ….!
