دخل رجل مكتب الكاتب العدل بهدوء، يحمل في يده طلب تحرير توكيل عام، لكن أثناء حديثه لاحظ الكاتب العدل أن الكلمات كانت تتلعثم، والردود متقطعة، كأن الرجل غير قادر على فهم ما يعنيه هذا التوكيل، أو الآثار التي سيتركها على حياته.

الكاتب العدل لم يتسرع في إصدار القرار، بل استمع بهدوء، وطرح أسئلة بسيطة تحاول قياس مدى فهم الرجل لما بين يديه.

مع مرور الوقت بدا واضحاً أن الإدراك القانوني للرجل غير كامل، وأنه يفتقد الأهلية القانونية اللازمة لاتخاذ مثل هذا القرار الجوهري.

كان الموقف يتطلب وقفة، فالأهلية القانونية ليست مجرد شرط شكلي، بل هي الدرع التي تحمي الإنسان من أن يُوقع على قرارات لا يعيها.

وبكل احترام قرر الكاتب العدل عدم إتمام تحرير التوكيل، ليس رفضاً للشخص، بل حماية له.

غادر الرجل المكتب، وربما لم يدرك سبب الرفض، لكن القرار كان لحمايته، حفاظاً على حقوقه وحريته.

عِبرة تُروى

في عالم القانون، الأهلية القانونية ليست كلمة مكتوبة، بل إدراك ووعي يضمنان صحة كل قرار يُتخذ.

كاتب العدل هو العين التي ترى ما وراء الأوراق، والقلب الذي يحمي كل من قد يعجز عن حماية نفسه.

وفي الختام يبقى القانون إنسانياً قبل أن يكون مجرد إجراءات لأنه يُصاغ ليحمي إرادة الإنسان، ويصون كرامته، ويضع حدوداً تحفظ حقوقه حين يعجز عن التعبير الكامل عن نفسه، فالعدل لا يبدأ بالأوراق، بل يبدأ بفهم عميق للإنسانية التي وراء كل توقيع.

بالتنسيق مع محاكم دبي

[email protected]

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

المصدر: الإمارات اليوم

شاركها.