مصراوي

في إطار إدانته جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية “أوتشا”، تقريرا يفصّل الانتهاكات في الفترة بين 7 أكتوبر 2023 و17 أكتوبر 2025.

وفي البداية، أعرب المكتب الأممي عن صدمته العميقة بعد استشهاد الطفل محمد بهجت الحلاق، البالغ من العمر 9 سنوات، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية أثناء لعبه كرة القدم في بلدة الريحية جنوب الخليل، يوم الخميس 16 أكتوبر.

وقالت البعثة الأممية إن الحادثة تمثل “حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات المميتة” التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال في الضفة الغربية.

وأوضح المكتب الأممي، أنه بوفاة محمد ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة بما فيها القدس الشرقية، منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 1001 شخص، بينهم أكثر من 200 طفل و7 نساء و20 امرأة و7 من ذوي الإعاقة.

وبحسب إحصاءات “أوتشا”، فإن حصيلة الشهداء في تلك الفترة تعادل قرابة 43% من إجمالي الشهداء في الضفة خلال العقدين الماضيين وهي نسبة وصفها بأنها “مروعة وغير مسبوقة”.

في المقابل، أفاد “أوتشا” بمقتل59 إسرائيليا منذ 7 أكتوبر 2023 في هجمات أو اشتباكات داخل إسرائيل والضفة، بينهم 22 من جنود الاحتلال.

وأكدت تقارير الأمم المتحدة، أن غالبية الشهداء الفلسطينيين في الضفة ارتقوا نتيجة الاستخدام الممنهج والمفرط للقوة المميتة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك إطلاق الرصاص الحي أو الغارات الجوية أو الصواريخ المحمولة على الكتف.

وكشفت الوثائق الأممية، أن تلك الأساليب تُستخدم “بطريقة غير قانونية وغير متناسبة”، بما يتنافى مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، و”تُظهر تجاهلا واضحا لحق الفلسطينيين في الحياة”.

وأورد التقرير الأممي قصصا مأساوية وثّقها، من بينها الطفلة ليلى الخطيب التي تبلغ عامين فقط، حيث قُتلت في غرفة نومها بمدينة جنين خلال عملية “الجدار الحديدي” الإسرائيلية في يناير 2025، والتي أدت إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من مخيماتهم.

وفي حادث منفصل، استشهد الصبيان إسلام مجارمة ومحمد مسقلة، اللذين يبلغان 14 عاما، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال محاولتهما العودة إلى مخيم جنين للاجئين دون أن يشكلوا أي تهديد.

ويؤكد التقرير أن من بين 968 فلسطينيا قُتلوا على يد قوات الاحتلال، أن البيانات تشير إلى أن قرابة نصفهم كانوا عزّلا بشكل كامل، في حين استشهد آخرون في مواجهات “محدودة لم تستدعِ استخدام الذخيرة الحية”.

في الوقت نفسه، نوّه التقرير الأممي إلى أن 331 حالة على الأقل تثير شبهات عمليات “إعدام خارج نطاق القضاء”، تشمل عمليات استهداف مباشر لأشخاص يشتبه في أنهم نفذوا أو خططوا لهجمات ضد إسرائيليين.

وأظهر التوثيق الأممي، أن 55% من الضحايا الفلسطينيين أُصيبوا في الرأس أو الجزء العلوي من الجسد ما يشير إلى نية القتل، بينما وثّق أكثر من 240 حالة تم منع المسعفين فيها من تقديم المساعدة الطبية للمصابين.

وعلى الرغم من أن الضفة الغربية لم تشهد معارك مسلحة مفتوحة كما ذكر التقرير، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي شن 100 غارة جوية استهدفت مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم وطوباس ونابلس، ما أسفر عن استشهاد حوالي 445 فلسطينيا، بينهم 70 طفلا، وتدمير مساحات واسعة من الأحياء السكنية، وتشريد ما يصل إلى 40 ألف مدني.

وفي حين يزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن غالبية الشهداء “كانوا مسلحين”، يؤكد تحقيق لمفوضية حقوق الإنسان أن معظمهم لم يكونوا متورطين في أي أنشطة قتالية، ما يجعل عمليات اغتيالهم أقرب إلى “عمليات قتل ممنهجة وغير قانونية”.

كذلك، أفاد المكتب الأممي يرصد عمليات عنف غير مسبوقة من قِبل المستوطنين في أعقاب 7 أكتوبر 2023، بسبب سياسة حكومة الاحتلال في تسليح آلاف المستوطنين وتجنيد بعضهم ضمن “قوات عسكرية”.

وأوضح التقرير، أن هذا التصعيد في عنف المستوطنين أسفر عن استشهاد 33 فلسطينيا بينهم 3 أطفال، ارتقى 19 منهم بعمليات إطلاق نار مباشر، فيما استشهد الآخرون بعمليات مشتركة بين المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي.

ومع ذلك، لم تعلن إسرائيل عن فتح تحقيقات جادة في أي من هذه الحالات، وفق التقرير الأممي. ويشدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أن غياب المساءلة واستمرار العنف يعكسان سياسة متعمدة لاستخدام القوة المميتة كوسيلة للسيطرة وقمع الفلسطينيين، وليس كإجراء أمني استثنائي لاستعادة النظام العام.

وفي نهاية التقرير، دعا المكتب الأممي إسرائيل إلى إجراء تحقيقات مستقلة في جميع الحوادث المذكورة، مؤكدا على أن استمرار سياسة الإفلات من العقاب “يُقوّض سيادة القانون ويُهدد الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها”.

شاركها.