أمد/ بعض الأشخاص وصلوا الى مواقع قيادية عليا في حركة فتح والأحزاب عموما وفي

السلطة ليس لتاريخهم النضالي أو أعمالهم المتميزة في صالح القضية الوطنية

أو لأن الشعب انتخبهم بل لفهلوتهم ونفاقهم وذكائهم في اقتناص الفرص

والتزلف لمن هم أعلى مرتبة منهم أو نتيجة تدخل جهات خارجية تريدهم في

مركز القرار الفلسطيني.

في هؤلاء تكمن مشكلة الطبقة السياسية وأزمة مؤسسة القيادة وأزمة حركة فتح

مفجرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، لأن القيادة ليست تاريخ نضالي فقظ أو

مجرد موقع متقدم في السلطة والحزب أو حصول على لقب وزير أو لواء أو دكتور

الخ بل هي منظومة متكاملة: سياسية وأخلاقية وإنسانية وعقلانية وحضور

ميداني فاعل، ولأنها كذلك يجب أن تخضع للمراجعة والتقييم والمحاسبة

وتفعيل مبدأ النقد الذاتي.

لا تجد مشكلة إن انتقدت قائداً حقيقياً في حركة فتح أو المنظمة أو السلطة

أو حتى إن انتقدت الرئيس نفسه، لأن الكبير يستوعب الجميع ويعترف بأخطائه،

ومن يمارس السياسة لا بد أن يخطئ، والمهم أن يستفيد من أخطائه ويستمع

لمنتقديه بل ويحترم من ينتقده ما دام الانتقاد موضوعياً ومن أجل المصلحة

الوطنية.

ولكن تتفاجأ من بعض من يندرجون ضمن القادة وممن تولوا مناصب عليا عندما

تتلبسه حالة غرور واستعلاء بحيث يتجاهل كل الانتقادات والملاحظات التي

يكتبها أو يصرح بها إعلامياً كُتاب وطنيون ومواطنون عاديون، أو يتدخل إذا

ما شعر أنها قد تكشف بعض سلوكه ومواقفه الخاطئة ولو بطريقة غير مباشرة،

معتبراً أن المساس به أو مجرد الإشارة إليه تهديد للوطن والوطنية! .

مثلاً أن يطلب أحد هؤلاء (القادة) بطريقة مباشرة أو عبر وسيط من كاتب أن

يحذف بوست أو مقال ينتقد فيه مواقف ملتبسة له ولأعضاء في القيادة في

المنظمة وحركة فتح والسلطة، يتملقون حركة حماس ويشيدون بالمقاومة المسلحة

في قطاع غزة وحتى بطوفان الأقصى ،وعندما يحاول الكاتب إفهام هذا (القائد)

أن الموضوع ليس شخصياً وأن القضية تتجاوز الأشخاص إلى ظاهرة تسيء لحركة

فتح وتاريخها النضالي كما تسيء لأهالي قطاع غزة وتتجاهل معاناتهم تحت حكم

حماس وبسبب حروبها وستؤثر سلباً على جمهور حركة فتح ويضع في يد حماس ما

يعزز نهجها وسياساتها بل وتزيد من شعبية ومؤيدي حماس في الضفة…. لا

يقتنع بل يصل الأمر لدرجة التهديد المبطن، ومع أن الكاتب لم يذكر أسماء

محددة إلا أنه يعتقد أنه مقصود في المقال أو قد يفهم القارئ أنه

المقصود.،

ننتقد هؤلاء (القادة) لنفاقهم ولأنهم لا يؤمنون بصدق بنهج المقاومة

المسلحة وقدرته على تحقيق الأهداف الوطنية في هذا الوقت وبالطريقة التي

تمارسها حماس، بل يدافعون عن حركة حماس والمقاومة المسلحة للتغطية

والتستر على عجزهم عن عمل أي شيء لأهل غزة وحتى عجزهم في القيام بواجبهم

في حماية الشعب في الضفة من ممارسات الاحتلال، وبعضهم يبالغ في مدح

المقاومة حتى يخفي فساده، وهؤلاء يريدون البقاء في المشهد السياسي بأي

طريقة حتى على حساب دماء أهل قطاع غزة ومستقبل القضية الوطنية.

فلو كان هؤلاء صادقين في موقفهم من المقاومة المسلحة ومن طوفان الأقصى

فلماذا لا يشجعون ويدعون للمقاومة المسلحة في الضفة الغربية؟ ولماذا لا

يعملون على طوفان في الضفة شبيه بطوفان الأقصى، والمستوطنات منتشرة في كل

مكان وتزاحم المواطنين في أرضهم وتهدد مصادر رزقهم؟ لو قاموا بذلك فربما

خففوا عن أهل قطاع غزة وشتتوا جيش الاحتلال، مع إنني أخشى من التداعيات

الخطيرة لأية مقاومة مسلحة الآن خارج وجود استراتيجية مقاومة متفق عليها

وطنيا وحتى عربيا واقليميا.

ما يحدث داخل حركة فتح ليس توزيعا للأدوار أو للإبقاء على شعرة معاوية مع

حركة حماس وفصائل المقاومة الأحرى بل حالة تيه ومحاولة البعض كسب مؤيدين

وأنصار داخل الضفة الغربية التي يفقدون شعبيتهم فيها، ولا نعتقد أنهم

يراهنون أن سكان غزة وفصائل المقاومة في غزة قادرون على هزيمة العدو

وإنجاز ما عجزوا هم عن انجازه في اتفاق أوسلو؟

انتقاد هؤلاء، وهم قلة على أي حال، ليس لأنهم مع مقاومة الاحتلال، فكل

الشعب الفلسطيني مناهض للاحتلال، بل لأنهم يتجاهلون معاناة أهل غزة في ظل

حكم حماس وما سببه طوفانهم، ولو بطريقة غير مباشرة، من موت ودمار وجوع،

مما يضعهم في تعارض مع موقف غالبية أهالي قطاع غزة و حتى في تعارض مع

موقف الرئيس أبو مازن الذي وصف حركة حماس بأولاد الكلب وانتقد طوفانهم

وطالب بنزع سلاحهم.

إن أسوأ سيناريو قد يُقدم عليه هؤلاء ويجروا له حركة فتح والمنظمة عمومَا

هو القبول بإدارة مشتركة لقطاع غزة مع حركة حماس، ومع أن هذا بغيد المنال

نظرا للرفض الإسرائيلي إلا أن مجرد التلويح به سيواجه برفض سكان القطاع

الذين اكتووا بنيران حماس وميلشيياتها، ولأنهم بذلك سيبيضون صفحة حماس

ويساعدون على عودتها للمشهد السياسي.

شاركها.