منتدى الإعلام السوداني
حواء رحمة
الخرطوم، 22 أكتوبر 2025، (مركز الألق للخدمات الصحفية) بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث عادة كُثفت الجهود لمحاربتها لعقود، إلا أنها أطلت برأسها مؤخراً كإحدى تداعيات ما خلفته الحرب من أزمات وظروف اقتصادية وصحية واجتماعية .
حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣ لم تقتصر على الموت والدمار والتهجير فقط، بل أحيت عادات ضارة اجتهدت المبادرات السودانية في محاربتها وعلى رأسها بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث ، وزواج الطفلات. أبرز تلك المبادرات مبادرة (سليمة) التي قطعت اشواطاً طويلة في محاربة العادة بمشاركة اليونسيف ومجلس الطفولة وعدد من منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الرعاية المختلفة.
تحدي ورهان بالقضاء على الظاهرة
الرهان لم ينقطع على وعي المجتمعات بضرورة القضاء على الظاهرة وعملت مبادرة (سليمة) في هذا الصدد عبر برامج مختلفة باستخدام الوسائط ومواقع التواصل الاجتماعي ، أبرزها راديو المجتمع في عدد من الولايات والمحليات .
في مقبالة سابقة مع القابلة القانونية شذي سبت حول مشاكل الأمومة تطرقت إلى أن بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث واحد من المشاكل التي ساهمت في وفيات صغيرات السن بسبب الزواج المبكر دون السن القانونية. وأضافت قولها : ” الحرب فاقمت من ظاهرة زواج الطفلات، كما أدت إلى تزايد حالات ختان الإناث في ظل غياب الرقابة القانونية ” .
وفي جلسة حوارية مجتمعية بولاية البحر الأحمر أثارت عدد من النسوة الحديث عن (الختان) وأجمعن على أن العادة مازالت قائمة من بعض الأسر وتمارس بعيداً عن أعين المجتمع. ولفتن إلى أن القضاء على هذه العادة يتطلب جهود توعية مستمرة، مع ضرورة توضيح المخاطر الصحية والاجتماعية المترتبة عليها .
حوار من أجل التغيير
قالت أروى محمد من منظمة رعاية الطفولة إنها لم تواجه معارضة أثناء تنفيذ حملات التوعية، لكنها شعرت بأن بعض المشاركين ما زالوا غير مقتنعين تمامًا بالرسائل المطروحة. وأضافت : “عملت في عدد من المناطق، ودارت نقاشات واسعة حول قضية بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، حيث طرحت بعض المشاركات ما يعرف بـ(ختان السنة)، لكننا أكدنا خلال الحوارات على ضرورة التخلي التام عن كل أشكال الختان ” .
وأشارت أروى إلى أن عددًا من النساء كبيرات السن عبّرن عن معاناتهن الشخصية من الختان، وأبدين رغبة صادقة في التخلي عن هذه العادة نهائياً .
كما استعرضت أروى تجربة حملات التوعية بمحلية عطبرة التي نفذتها منظمة تنمية الطفل (CDF)، والتي ركزت على قضية بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث وزواج الأطفال.
وقالت إن الحملة استهدفت النساء والأطفال بمنطقة الفاضلاب بمحلية عطبرة، وسعت إلى رفع الوعي بمخاطر الختان من خلال التركيز على الأمهات لما لهن من تأثير كبير في اتخاذ القرار داخل الأسرة والمجتمع. وشملت الحملة 24 امرأة و54 فتاة، منهن 19 فتاة تتراوح أعمارهن بين 7 و10 أعوام، و35 فتاة تتراوح أعمارهن بين 11 و14 عاماً.
وفي السياق ذاته، قدّم الأستاذ محمد إبراهيم من منظمة صدقات الخيرية تقريراً حول برنامج المنظمة بالتعاون مع منظمة اليونيسف، والذي تضمن تدريب 129 من ميسّري المجتمعات في إطار برنامج “سليمة للتواصل وسليمة المتجددة“ خلال عامي 2024 و2025 بالولاية الشمالية، في كل من محليتي دنقلا ووادي حلفا.
وأوضح أن البرنامج يندرج ضمن جهود الحماية الاجتماعية لحقوق الأطفال في 14 مجتمعاً بوادي حلفا و15 مجتمعاً بمحلية دنقلا، مستندًا إلى الدليل التدريبي لمبادرة (سليمة) الذي يركز على مهارات التواصل وإدارة الحوار المجتمعي، وتوظيف القصص والتجارب لإقناع الأفراد.
وأشار إلى أن هذه الجهود أثمرت عن تخلي جماعي عن ممارسة الختان في ستة مجتمعات خلال عام 2024، وهي: حي الإسكان القديم، مربع 11 بوادي حلفا، السليم، الخولي، والعمدة وحاج حسن بمحلية دنقلا.
وفي عام 2025، واصل الميسرون المجتمعيون جهودهم عبر 980 جلسة حوار مجتمعية ضمن برنامج “سليمة للتواصل”، ما أسفر عن إعلانات جديدة للتخلي الجماعي عن ممارسة بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
النساء أول من يدفع ثمن غياب القانون
يرى باحثون في قضايا المجتمعات بأن أزمات الحروب لها تأثير مباشر على المجتمعات، وذلك لغياب القانون والرقابة وتداعيات ذلك من فوضى وفراغ أمني ، مشيرين إلى أن بعض المجتمعات الهشة سرعان ما تعود إلى ممارسة العادات الضارة مثل زواج الاطفال و بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث وغيرها من الانتهاكات الجسمية التى تدفع معظم ثمنها النساء على وجه التحديد. مشيرين إلى ضرورة تكاتف الجهود من أجل دفع الضرر عن شريحة الاطفال والنساء وذلك عبر برامج التوعية وحملات المناصرة عبر الإذاعات المجتمعية ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل .
وفي السياق قال المجلس القومي لرعاية الطفولة أنه يعمل مع الشركاء بمنهجية متخصصة لعلاج كل انواع العنف وتطبيق المادة (141ب) من القانون الجنائي لعام 1991،التي تتعلق بـتجريم ختان الإناث، وقد أُضيفت لاحقًا في تعديل عام 2020 الذي أقرّه مجلسا السيادة والوزراء ضمن الإصلاحات القانونية لحماية النساء والفتيات. كذلك أشار المجلس لعمله من أجل رفع درجة الوعي الاجتماعي وتطوير الإعلام التنموي الهادف من أجل طفولة آمنة ومستقرة وفتاة تتمتع بحقوقها كاملة، بتوفير حماية شاملة وفق القانون الوطني وقانون حقوق الطفل لعام 2010 .
مازالت المجتمعات المحلية تتخوف من الردة والرجوع الى الممارسات الضارة التي تتصل بالعادات والتقاليد والمعتقدات المحلية، وأرجعت ذلك الى حركة الوعي التي مازالت محصورة في نطاق محدد حد وصف البعض، وتناشد التجمعات الشبابية النشطة بضرورة زيادة حراك الوعي في المجتمعات المغلقة وضرورة وصول الوسائل المتاحة لبث روح المناصرة للقضاء على العادات التي أضرت بفئة النساء بمختلف الأعمار، مشددين على أهمية تفعيل القوانين وسن قوانين رادعة للتصدي لها .
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (مركز الألق للخدمات الصحفية) لتسليط الضوء على عودة بعض الممارسات الضارة في السودان مثل زواج الطفلات، بالتركيز على ختان الإناث، كأحد تداعيات الحرب، في ظل غياب القانون والرقابة. ورغم التحديات، تواصل منظمات المجتمع المدني والمبادرات جهودها عبر التوعية والحوار المجتمعي لتعزيز التخلي الجماعي عن هذه الممارسات.
المصدر: صحيفة التغيير