رشا عوض
رشا عوض


رشا عوض

احد الفتوات الاكثر طغيانا وفجورا في رواية ” الحرافيش” لنجيب محفوظ ، انتهى به الامر للخروج على الناس عاريا كما ولدته امه! امعانا في الاستخفاف بهم واحتقارهم ! يريد ان يقول لهم انتم في نظري لا شيء! لا تستحقون مني عناء ان ارتدي ملابسي امام اعينكم!
المسكين كان مستمتعا بالتعري امام الناس يحسبه دلالة على اكتمال القوة والسيطرة والنجاح في قهر وقمع الناس واذلالهم!وطبعا من يظنهم مرعوبين منه باتوا يشفقون عليه واعتبروه مجنونا وتحول الى اضحوكة!
سلوك ذلك الفتوة يرمز بعمق لمآلات الاستبداد!
الطغيان في دركات الحضيض الاخيرة ينتهي بالتعري! ليس بالضرورة من الملابس كما في الرواية!
بل التعري من اي قيمة اخلاقية! التعري من ابسط قواعد المنطق وكوابح العقل المتعارف عليها !
مقطع فيديو لاحد افراد كتائب الظل الكيزانية كان يخطب بحماس وبكل فخر واعتزاز ويقول” ناس العمل الخاص لما يقبضو على المتعاون مع المليشيا قبل ما يتعرف هل هو متعاون ولا ما متعاون بكون مشى لي الله” طبعا هذا المهووس يقدم دليل ادانة لهذه القوات ويثبت انها تقتل الناس عشوائيا، للشخص الطبيعي هذا امر مخجل وغير اخلاقي ولكن بالنسبة للكوز هذا جهاد مقدس يجب التباهي به مثل تباهي ذلك الفتوة بعرض عورته على الملأ!
ذات الامر ينتقل الى ساحة الصحافة التي من اهم وظائفها وضع القضايا العامة في اطار عقلاني يساعد على الحوار المنضبط بقواعد المنطق ولكن كبار صحفيي السلطة يذبحون المنطق ويتباهون بذلك مثلما تباهى ذلك المهووس بذبح العدالة ووسط التهليل والتكبير والضحك ردد ” قبل ما تعرف روحك متعاون ولا لا الجماعة ديل بكونو قطعو راسك”
لذلك اقدر كثيرا واتفهم وجهة نظر من نصحوني بعدم اهدار اي زمن في مساجلات مع اي كوز او امنجي او صحفي بوت عسكري ، لان مهمة الحوار العقلاني وطرح الاسئلة المنطقية والتفنيد النقدي للمقولات مع هؤلاء فعل عبثي تماما اشبه ما يكون بالكلام مع شخص بلغة اجنبية عنه ولا يعرف فيها حرفا واحدا!
انها مرحلة تعري الطغيان مثل ذلك الفتوة تماما!
مرحلة التهليل والتكبير والتفاخر العلني بذبح الانسان حرفيا والاخطر ذبح الشعب كله عبر تحقير العدالة وذبحها هي الاخرى!
مرحلة تباهي الصحفيين بمنافسة القونات في الردحي والفجور في الخصومة وكسر عنق المنطق واستباحة الاشخاص بدلا من نقاش الافكار!
فعلا لا جدوى من حوار يتحدث طرفاه لغتين مختلفتين تماما!
ولكن رغم كل ذلك لا صمت على البهتان والتجني والاتهامات بتهم مخلة بالشرف الوطني! لا صمت بهدف كشف الحقيقة للسودانيين الطيبين الذين لا يخطر ببالهم ان هناك بشرا تبلغ جرأته على الكذب والتلفيق وتلطيخ سمعة الناس بما ليس فيهم ما بلغته ” الصحافة الامنوعسكركيزانية” الجانية والمجني عليها في نفس الوقت!

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.