تشهد جماعة المجاطية أولاد طالب، التابعة لإقليم مديونة بجهة الدار البيضاء سطات، حالة من الغليان والاحتقان الشعبي، بسبب ما وصفته فعاليات محلية بـ”العشوائية والتسيب الإداري” الذي يطبع تدبير الشأن المحلي، في ظل قيادة أمين شفيق، المنتمي لحزب الاستقلال ورئيس الجماعة الحالي.
وتتوالى شكاوى الساكنة التي عبرت عن غضبها من تردي الأوضاع المعيشية والخدماتية، محملة المسؤولية للمكتب المسير للمجلس الجماعي الذي لم ينجح بحسب تعبير العديد من المتتبعين في بلورة رؤية واضحة لتنمية المنطقة أو تحسين ظروف عيش المواطنين.
رغم مرور سنوات على انتخاب المجلس الحالي، ما تزال جماعة المجاطية أولاد طالب تعيش على وقع اختلالات صارخة في البنية التحتية، حيث الطرق مهترئة، والإنارة العمومية محدودة، ومشاريع التهيئة شبه غائبة، إضافة إلى غياب وسائل النقل الحضرية والأسواق النموذجية.
وتشتكي الساكنة من غياب أي تخطيط حضري يواكب التوسع العمراني الذي تعرفه المنطقة، مما جعلها تبدو كقرية نائية على أطراف العاصمة الاقتصادية، بدل أن تكون مجالا حضريا مندمجا كما كان مأمولا.
ومن أبرز مظاهر الإهمال التي تؤرق الساكنة، مشكل تدبير النفايات الذي تحول إلى كابوس يومي، حيث يتم حرق الأزبال في العراء من طرف مجهولين، مما يخلف سحبا كثيفة من الدخان ويهدد صحة الأطفال والمسنين.
ورغم الشكايات المتكررة التي وجهها المواطنون للسلطات والجماعة، إلا أن الوضع ما يزال على حاله، في غياب أي تدخل جدي لوضع حد لهذا السلوك الخطير الذي يسيء لسمعة المنطقة ويعكس فشل التدبير الجماعي في التعامل مع ملف بيئي حساس.
هذا التدهور المتواصل في الخدمات دفع عددا من أبناء المنطقة إلى تحميل المسؤولية السياسية لحزب الاستقلال الذي يقود المجلس الجماعي، معتبرين أن قيادته المحلية فقدت البوصلة ولم تعد تمثل تطلعات الساكنة التي منحتها الثقة.
ويصف العديد من سكان المجاطية أولاد طالب واقعهم اليومي بـ”المرير”، إذ تغيب النظافة عن أحياء بكاملها، وتنتشر الأتربة والحفر والنفايات في كل مكان، في حين تستمر مظاهر البداوة في التفاقم، ما يجعل المنطقة بعيدة عن مسار التنمية الحضرية الذي تعرفه باقي الجماعات المجاورة.
وفي هذا الصدد، قال سعيد عاتيق، الفاعل السياسي، إن “جماعة المجاطية أولاد الطالب، التابعة لإقليم مديونة، تعيش على وقع تحولات ديمغرافية وعمرانية متسارعة، أفرزتها سياسات إعادة الإيواء والترحيل من مختلف أحياء مدينة الدار البيضاء الكبرى”.
وأضاف عاتيق، في تصريح لجريدة “”، أن هذه التحولات لم ترافقها إصلاحات بنيوية كافية، ما جعل الجماعة تواجه تحديات تنموية كبرى، ألقت بظلالها على الحياة اليومية للسكان، وعمّقت مظاهر الهشاشة والتهميش”.
وشدد المتحدث عينه على أن “المجاطية في السنوات الأخيرة تحولت إلى نقطة استقبال رئيسية للمرحلين من أحياء الصفيح والدور الآيلة للسقوط، كجزء من مشاريع إعادة الإيواء بالعاصمة الاقتصادية”.
وزاد: “غير أن هذا الاستقبال الجماعي تم في غياب مقومات العيش الكريم، حيث استقبلت آلاف الأسر دون توفير بنيات تحتية مؤهلة، أو خدمات عمومية قادرة على مواكبة هذا الضغط السكاني الهائل”.
وأشار الفاعل السياسي إلى أن “أول ما يصطدم به القاطنون هو غياب وسائل النقل الكافية، فالجماعة تعرف خصاصا كبيرا في حافلات النقل الحضري، كما أن سيارات الأجرة بنوعيها (الصنف الكبير والصغير) قليلة أو منعدمة في بعض الأحياء.
وأردف أيضا أن “الأسوأ من ذلك أن المنطقة ما زالت خارج تغطية وسائل النقل الجماعي الحديثة مثل “الترامواي” و”الباص واي”، ما يجعل التنقل إلى وسط المدينة أو محيطها معاناة حقيقية، خاصة للعمال والطلبة”.
وأكد عاتيق أن “الأمور سوءا مع مشكل تدبير النفايات، حيث تعرف الجماعة انتشارا واسعا للنفايات المنزلية والصناعية، وأخطر من ذلك، لجوء بعض الأفراد إلى حرق النفايات، خاصة المواد البلاستيكية، مما يسبب تصاعد أدخنة سامة، أثارت موجة من الاحتجاجات في صفوف السكان، بسبب تداعياتها الصحية والبيئية الخطيرة”.
واعتبر أيضا أن “ما يزيد من تشويه المشهد الحضري بالمنطقة، هو الانتشار اللافت للكلاب الضالة، والحمير، وأنواع متعددة من الحيوانات، التي أصبحت جزءا من المشهد اليومي، رغم ما تحمله من أخطار صحية وتهديدات للسلامة العامة”، مشيرا إلى أن “المشهد يعكس غياب المراقبة البيطرية والتنظيمية، ويخلق تناقضا صارخا بين مشاريع الإسكان الحديثة ومظاهر البداوة”.
وأكمل عاتيق أن الجماعة أيضا تشكو من انقطاعات متكررة في الإنارة العمومية، فيما تعيش بعض الأزقة والأحياء في ظلام دامس ليلا، ما يرفع من منسوب الجريمة ويقوض الإحساس بالأمن.
المصدر: العمق المغربي