في الزرقاء الأردنية، المدينة التي ما زالت ذاكرتها تعبق بـ”معركة الكرامة”، تحوّلت مائدة عشاءٍ عائلية إلى فضيحة سياسية مدوّية. الضيف لم يكن وجيهًا ولا شيخ قبيلة، بل نائبًا في الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، الحزب الذي يوقّع بدم الفلسطينيين على كل قرار حرب. عفيف عابد، الدرزيّ المقرّب من نتنياهو، دخل الأردن وجلس على مائدةٍ أردنية، التُقطت الصور وتبادلت التهاني… وكأن شيئًا عاديًا يحدث.
الصور التي انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل فجّرت غضبًا واسعًا في الشارع الأردني، إذ إن عابد يُعد من أكثر الداعمين لنتنياهو ولسياساته العدوانية في غزة. ومع تصاعد الغضب، أصدرت العائلة المستضيفة بيانًا قالت فيه إنها لم تكن تعلم بخلفيته السياسية أو الدينية، وأن الزيارة كانت اجتماعية بحتة، لكن الأردنيين لم يقتنعوا، مؤكدين أن “التطبيع لا يحتاج نية… بل يكفيه صمتٌ يجمّل الخيانة.”
عفيف عابد، الذي وُلد في قرية يركا الدرزية، انخرط في حزب الليكود مطلع الألفية، وتوثّقت علاقته بنتنياهو عبر لقاءات متكررة في قيساريا حتى صار يوصف في الإعلام العبري بأنه “النائب الدرزي الأكثر ولاءً لبيبي.” وبعد انتشار الصور، سارع إلى حذف منشوره، لكن بعد فوات الأوان… فالفضيحة كانت قد غادرت المائدة إلى العلن.
ما حدث في الزرقاء لم يكن لقاءً عابرًا، بل جرس إنذار عن مدى توغّل التطبيع الناعم داخل المجتمعات العربية. من الدبلوماسية إلى العشائر… يبدو أن الاختراق الصهيوني لم يعد يبحث عن اتفاقيات جديدة، بل عن أبوابٍ مفتوحة وابتساماتٍ غافلة.