تغرق جماعة تسلطانت، التي تُعد أغنى جماعة قروية بجهة مراكشآسفي بمداخيل تفوق 35 مليار سنتيم، في فوضى البناء العشوائي والهشاشة الاجتماعية، حيث تعاني دواويرها الأكثر كثافة سكانية من غياب شبه تام للبنية التحتية الأساسية، وسط اتهامات بـ”سوء التدبير” وشعور متنامٍ بالإقصاء لدى الساكنة.

ومن تجليات “سوء التدبير” تحول دواوير مثل زمران والنزالة والخدير الجديد يوما بعد يوم إلى أحزمة من البناء العشوائي، في وضع يصفه الفاعل الجمعوي بالمنطقة، عزيز وحداني، بأنه “واقع غارق في العشوائية نتيجة سوء التدبير المحلي وانتشار البناء غير القانوني”.

وأوضح وحداني في تصريح لجريدة “العمق”، أن الظاهرة تتفاقم بسبب غياب تخطيط عمراني فعال ورقابة حقيقية على الأرض، مبرزا أن الزحف العمراني غير المنظم الذي تعرفه الجماعة يعود إلى ارتفاع أسعار العقار بمدينة مراكش، مما دفع العديد من الأسر إلى العودة للمناطق القروية المجاورة بحثا عن سكن بأسعار معقولة.

هذا الوضع، يقول الفاعل الجمعوي، خلق فرصة ذهبية للمضاربين في العقار الذين استغلوا الحاجة الملحة للسكن لنشر البناء العشوائي على أراضٍ فلاحية، دون توفير أبسط مقومات العيش الكريم كشبكات الصرف الصحي والطرق المعبدة.

ورغم أن السلطات حاولت الحد من هذه الظاهرة عبر عدم منح رخص الربط بشبكتي الماء والكهرباء، إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لوقف التوسع العشوائي، وبقيت العديد من الأسر تعيش في ظروف صعبة.

وعلى أرض الواقع، يعيش السكان معاناة يومية متعددة الأوجه. ففي دواوير زمران والخدير الجديد، عبر المواطنون عن استيائهم الشديد من ضعف المرافق العامة، وعلى رأسها المدارس والمراكز الصحية، حيث يضطر الأطفال في كثير من الأحيان إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مؤسسة تعليمية أو لتلقي العلاج، مما يهدد مستقبلهم التعليمي وصحتهم.

كما أشاروا إلى تردي حالة الطرق وغياب الإنارة العمومية، وهو ما يحول شوارع الدواوير ليلا إلى مناطق خطرة، ويزيد من المخاطر الأمنية، خاصة على النساء وكبار السن.

ومما يزيد من شعور السكان بالظلم والإقصاء، أن مشاريع تأهيل سابقة، مثل برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة” لعام 2014، استفادت منها بعض الدواوير القريبة، بينما لا تزال دواوير أخرى تنتظر دورها رغم توقيع اتفاقيات شراكة لإعادة هيكلتها، مما يخلق تفاوتا صارخا داخل الجماعة الواحدة.

ويختتم عزيز وحداني حديثه بالتأكيد على أن “جماعة تسلطانت، رغم كونها الأغنى بجهة مراكشآسفي بمداخيل تفوق 35 مليار سنتيم، لا تزال تعاني من سوء التدبير الإداري، ما يعرقل عملية التنمية ويزيد من تفاقم المشاكل الاجتماعية والصحية، بما فيها الأمراض الناتجة عن الصرف الصحي وتلوث الفرشة المائية”.

وأمام هذا الوضع، دعا الفاعل الجمعوي الجهات المختصة إلى التدخل العاجل لوضع خطة تنمية شاملة، تضمن تكافؤ الفرص بين جميع دواوير الجماعة، وتضع حدا لانتشار البناء العشوائي، وتعيد الاعتبار لحق المواطن في سكن لائق وبنية تحتية أساسية.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.