أمد/ في البَدءِ…

كانَ الخُبزُ وعدًا،

كانتِ الأرضُ أُمًّا…

تشقُّ قمحَها للأطفالِ والطُّيور،

لكنَّ الجوعَ خرجَ من رحمِ الحروبِ،

من جُبِّ النَّهبِ والاستعمار،

يمشي على الخَرائطِ كظلٍّ من نارٍ،

يزرعُ أنيابَهُ في لحمِ الإنسان…!

***

تُحاصرُني آهاتُ الثَّكالى،

جوعُ الأطفالِ في نيسان،

في كانون، في كلِّ زمانٍ ومكان…

من صبرا إلى غزَّة،

من البصرة إلى صنعاء،

من الزَّرقاءِ إلى الخرطوم،

من أحياءِ الفُقراءِ في نيويورك …

إلى عراةِ الشَّواطئِ …

في ريو دي جانيرو…

الجوعُ:

لا يعرفُ حدودًا،

لا يقرأُ خرائطَ الأُممِ المتَّحدة،

لا يسألُ عن الدِّينِ أو الهويَّة…

***

الجوعُ هو الجوعُ…

وجهٌ بلا ملامح،

صوتٌ يصرخُ في العِظام،

يمتدُّ كالحبلِ حولَ الأعناق،

يخنقُ العدلَ،

يُسكتُ الكلمةَ …

في فمِ الشاعرِ والجائعِ سواء …

***

قد يرفعُ الجوعُ رأسَهُ ذاتَ مساء،

فيغدو ثائرًا،

يُشهِرُ سيفَهُ …

في وجهِ الظُّلمِ المتكلِّس،

المتخمِ بالذَّهبِ والغباء …

***

آنَ للجوعِ أن يرحلَ،

يندحرَ عن أرضِ فلسطين،

عن وجهِ الإنسان،

عن قلبِ الأرضِ …

التي أنهكها الاحتلالُ …

كما أنهكها الفقرُ …

والجوعُ والخُذلان …

***

آنَ لهُ أن يتقهقر،

أن يُدفنَ في رمادِ التَّاريخ،

حتى يحتضرَ الموتُ …

في غيابِ الجوع،

وتزهرُ الأرضُ عدلًا…

ورغيفًا من نور …

***

سينتصرُ الإنسانُ،

حينَ يُدركُ:

أنَّ الخلاصَ من الفقرِ …

والخرابِ والعوزِ …

هو الخلاصُ من عبوديَّةِ الخوف،

إِنَّ معركتَهُ الكبرى …

هي معركةُ الكرامةِ والحرِّيَّة،

فإذا انتصرَ فيها،

تحرَّرَ العالَمُ من جوعِه الأبديِّ،

انتصرَ الخُبزُ على السِّلاح،

والحُبُّ على الخراب.

***

فالجوعُ ليسَ قَدَرًا،

بل جريمةٌ تُرتكبُ كلَّ يوم،

باسمِ الله، باسمِ الوطن،

باسمِ الحَضارة…!

***

فليَسقُطْ جوعُ الإنسان،

ولتسقُطْ الأيدي التي تصنعُه،

ليكنْ للعالَمِ فجرٌ واحدٌ …

لا يُضامُ فيهِ بَشَر،

لا يُقتَلُ فيهِ الخُبزُ في المهد…

***

فيكونُ العالَمُ حرًّا،

آمِنًا من خوفٍ…

ومن جوعٍ ..!

شاركها.