على بعد كيلومترات قليلة من مدينة مراكش، تجد جماعة سعادة نفسها في قلب معادلة عمرانية معقدة. فبعد أشهر طويلة من إعداد تصميم التهيئة الذي يُفترض أن يرسم ملامح مستقبلها، لا يزال الملف حبيس الرفوف الإدارية، عالقا بين تطلعات المجلس الجماعي لإطلاق عجلة التنمية، وتحفظات السلطات الولائية التي تخشى تفاقم آفة البناء العشوائي.
وبحسب مصادر مطلعة فإن جوهر الخلاف بين مجلس الجماعة والسلطات الولائية يكمن في الأولويات، إذ يرى المجلس في تصميم التهيئة المدخل الأساسي لإطلاق دينامية تنموية جديدة، حيث تؤكد مصادر من داخل الجماعة أن المصادقة على التصميم ستمثل استجابة عملية لانتظارات شريحة واسعة من الساكنة التي تطمح إلى تنظيم مجالها السكني، كما ستمنح دفعة قوية للاستثمار المحلي عبر توفير إطار قانوني واضح للمشاريع المستقبلية.
في المقابل، أبدت ولاية جهة مراكشآسفي ملاحظات جوهرية حول المشروع المقترح، محذرة من أن التوسع العمراني غير المدروس قد يتحول إلى قنبلة موقوتة، تفاقم من مشاكل البناء العشوائي التي أغرقت أجزاء واسعة من الجماعة في الفوضى على مدى السنوات الماضية.
ولا يقتصر التأخير على تباين وجهات النظر، بل يمتد إلى تعقيدات تقنية وإدارية، حيث أكدت مصادر مطلعة أكدت أن الملف لا يزال يواجه تحديات تتعلق بضرورة التنسيق المحكم بين مختلف المصالح، وضمان مطابقة التصميم المقترح مع التوجهات الكبرى للمخطط الجهوي لإعداد التراب، حيث يجعل هذا التحدي من عملية المصادقة النهائية مسارا طويلا ومعقدا يتطلب توافقات متعددة.
وفي هذا السياق، أكد فاعلون جمعويون أن تصميم تهيئة سعادة لا يمكن أن يُعالج كملف منعزل، فهو جزء لا يتجزأ من النسيج العمراني للمحيط الغربي لمراكش، حيث تتقاطع مصالحه مع جماعات مجاورة مثل حربيل وأولاد دليم.
ويشدد هؤلاء على أن أي رؤية تنموية يجب أن تكون منسجمة مع المشاريع المهيكلة الكبرى التي تشهدها الجهة، مثل الطريق المدارية الجديدة، والطريق السيار الرابط بين مراكش وآسفي، بالإضافة إلى المناطق الصناعية واللوجستيكية المبرمجة، والتي تتطلب تخطيطا شموليا متكاملا.
إلى ذلك، عبّر مستثمرون محليون عن قلقهم المتزايد من استمرار حالة الغموض التي تطبع مستقبل المنطقة، مؤكدين أن غياب الحسم يعرقل مشاريعهم ويجمد استثمارات كانت ستوفر فرص عمل وتساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي.
وأمام غياب تصميم تهيئة مصادق عليه، تتفاقم مشاكل التجزئات غير المهيكلة، وتتردى حالة البنية التحتية من طرق وصرف صحي، كما يضعف توفر الخدمات الأساسية، حيث يشعر المواطنون أنهم عالقون في حلقة مفرغة من الانتظار، بينما تتزايد مشاكلهم وتتضاءل آمالهم في تحسين ظروف عيشهم.
المصدر: العمق المغربي