أمد/ لندن: ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن الولايات المتحدة وأوروبا تدفعان نحو تبنّي مشروع قرار في مجلس الأمن يمنح القوة الدولية لتثبيت الاستقرار في غزة صلاحيات واسعة للإشراف الأمني على القطاع بقيادة مصر.

وبحسب التقرير، فإن القاهرة وعمّان أبدتا رغبتهما في إرسال 10,000 جندي فلسطيني إلى القطاع، إلا أن المسؤولية الأساسية ستُلقى على عاتق القوة الدولية، التي تضغط واشنطن والعواصم الأوروبية لتكون مصر على رأسها.

وفي الوقت ذاته، أعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة أن معبر رفح سيفتَح مجددًا يوم الاثنين، وذلك للمرة الأولى منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، وبعد العقوبات التي فرضتها إسرائيل على حماس إثر خرقها للاتفاق.

وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة تسعى لأن تحصل القوة على تفويض من الأمم المتحدة دون أن تُعرَّف رسميًا كـ”قوة حفظ سلام” تابعة لها، بل تعمل بصلاحيات موسّعة على غرار تلك التي مُنحت للقوات الدولية العاملة في هايتي لمكافحة العصابات المسلحة.

ووفق المقترح المطروح، تُذكر تركيا وإندونيسيا وأذربيجان كدول مساهمة رئيسية في القوة، رغم استمرار النقاشات في القاهرة حول ما إذا كان ينبغي أن يقودها الأمم المتحدة بدلًا من مصر.

أما القوات البريطانية والأمريكية فليست متوقعة المشاركة ميدانيًا، غير أن بريطانيا أرسلت مستشارين إلى مقر القيادة الأمريكية المكوَّنة من 200 جندي داخل إسرائيل، بهدف تنفيذ المرحلة الثانية من “خطة النقاط العشرين” التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب.

وأكد التقرير أن بريطانيا شددت على أن الهدف النهائي هو “دولة فلسطينية موحّدة تشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية”، مشيرة إلى أنها شاركت في تدريب الشرطة الفلسطينية وهي القوة التي تسعى مصر والأردن لرفع عدد أفرادها إلى 10,000 غير أن القوة الدولية الجديدة هي التي ستحمل المسؤولية الأمنية في المرحلة الأولى.

وفي حال أثبتت القوة الدولية كفاءتها، فإن إسرائيل ستنسحب إلى ما وراء “الخط الأصفر” الذي حُدّد في المرحلة الأولى من الخطة، لكنها تطالب بالاحتفاظ بمنطقة عازلة واسعة قرب الحدود لضمان الدفاع عن نفسها من هجمات إرهابية خاصة من حماس التي عاودت النشاط فور إعلان وقف إطلاق النار.

واعترف دبلوماسيون بريطانيون للغارديان بأن تفكيك سلاح حماس سيكون “المهمة الأصعب”، مشيرين إلى أن لندن تقترح تطبيق نموذج إيرلندا الشمالية، حيث أُخرج سلاح الجيش الجمهوري الإيرلندي والميليشيات البروتستانتية من الخدمة تحت إشراف هيئة تحقق مستقلة.*

ورجّحت الصحيفة أن حماس لن توافق على نزع سلاحها إلا لصالح جهة فلسطينية تتولى الحكم في القطاع، على أن يتم التحقق من العملية عبر “أطراف ثالثة” لصالح إسرائيل.

وسيبدأ هذا المسار وفقًا للتقرير بنزع السلاح الثقيل مثل القاذفات والصواريخ، ثم الانتقال لاحقًا إلى الأسلحة الخفيفة. ومع ذلك، تعارض إسرائيل تسليم السيطرة على غزة للسلطة الفلسطينية، رغم أنها الجهة الوحيدة القادرة ميدانيًا على تولي المسؤولية، ما يثير الشكوك حول مدى قابلية الخطة للتنفيذ.

بالتوازي مع القوة الدولية، يُتوقّع إنشاء “مجلس السلام” الذي اقترحه ترامب، برئاسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير إلى جانب الرئيس الأمريكي نفسه.

وسيُعلن عن تشكيل المجلس منتصف نوفمبر، خلال مؤتمر دولي لإعمار غزة تستضيفه القاهرة، حيث ستسعى مصر لحشد دعم مالي واسع من المانحين الدوليين والمستثمرين. 

وتُقدّر الأمم المتحدة أن إعادة إعمار القطاع تتطلب نحو 70 مليار دولار.*

أما على الأرض، فالوضع لا يزال متفجرًا ومضطربًا. ففي واشنطن، تتباين التصريحات: فقد قال ترامب للصحفيين هذا الأسبوع إن “هم تخلصوا من بعض العصابات، وهذا لا يزعجني” في إشارة إلى عمليات الإعدام التي نفذتها حماس في القطاع ملمحًا إلى أنه أعطى ضوءًا أخضر لخطوة تهدف إلى زرع الخوف بين معارضي الحركة.

لكن قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الأدميرال براد كوبر انتقد هذه التصريحات، ودعا حماس إلى “وقف العنف ضد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء فورًا”، مشددًا على ضرورة أن “تتخلى الحركة عن سلاحها بسرعة وتستغل الفرصة التاريخية من أجل السلام”.

في المقابل، تسعى حماس إلى إعادة فرض سيطرتها الداخلية عبر عملية سمتها “استعادة الحكم والأمن”، أعدمت خلالها عددًا من المشتبه بتعاونهم مع إسرائيل أو بانتمائهم لعائلات منافسة. وادّعت الحركة أن العملية تهدف إلى “تطهير القطاع من الخونة”، إلا أنها تعكس في الواقع صراعًا داخليًا على السلطة في اليوم التالي للحرب.

وفي تطور ميداني آخر، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم مركبة عبرت “الخط الأصفر”، فيما قالت مصادر فلسطينية إن 11 شخصًا قُتلوا جراء القصف.

ووفق بيان صادر عن الدفاع المدني في غزة وهو جهاز تديره حماس فقد انتُشلت الجثث بالتنسيق مع الصليب الأحمر، وزُعم أن الحافلة التي أصيبت كانت تنقل نازحين من شرق حي الزيتون في مدينة غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه رصد مركبة مشبوهة اجتازت الخط الأصفر المتّفق عليه في الصفقة مع حماس، وبعد إطلاق طلقات تحذيرية، أطلق الجنود النار لإزالة التهديد “وفقًا للاتفاق”.

كما سجلت، للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار، اشتباكات مسلحة بين مقاتلين فلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي داخل القطاع، الذي لا تزال أجزاء واسعة منه خاضعة لسيطرة القوات الإسرائيلية وفق الاتفاق. وأفاد المتحدث باسم الجيش عن حادثتين استثنائيتين وتبادل لإطلاق النار، منها في خان يونس حيث خرج مسلحون من نفق واقتربوا من القوات الإسرائيلية بطريقة اعتُبرت “تهديدًا مباشرًا”، ما دفع إلى استهدافهم جوًا لإزالة الخطر.

شاركها.