آلاف الجثث نُقلت سرًا من مقبرة جماعية قرب دمشق، ودُفنت في صحراء نائية دون أسماء، دون وثائق، ودون أثر.
ليست مشاهد من فيلم، بل فصولٌ من جريمةٍ نفّذها نظام بشار الأسد بين عامي 2019 و2021، في محاولةٍ لمحو أدلةٍ على واحدة من أوسع جرائم الإبادة في تاريخ سوريا الحديث.
تحقيقٌ صادم نشرته وكالة رويترز كشف تفاصيل العملية التي حملت اسم “نقل الأتربة” — لكنها لم تكن أتربة، بل رفات بشرية لضحايا التعذيب والإعدام داخل السجون.
من مقبرة القطيفة شمال دمشق إلى صحراء الضمير، تحرّكت أسبوعيًا ما بين 6 و8 شاحنات طوال عامين، تقلّ جثث المعتقلين والمخفيين قسرًا، في عملية محاطة بالخوف والتكتم، نفذها ضباط وسائقون وفنيون هُدّدوا بالموت إن تكلّموا.
باستخدام صور الأقمار الصناعية وشهادات المشاركين، اكتشفت رويترز أن المقبرة الجديدة تضم 34 خندقًا تمتد على أكثر من كيلومترين، وتُعد واحدة من أكبر المقابر الجماعية في سوريا، يُرجّح أن تضم عشرات الآلاف من الضحايا، بينهم جنود وسجناء ومدنيون اختفوا منذ سنوات.
اليوم، وبعد سقوط نظام الأسد في 2024، أُفرغت مقبرة القطيفة بالكامل، بينما ظلت مقبرة الضمير في طيّ النسيان — شاهدةً صامتة على جريمةٍ حاول أصحابها دفنها… ففضحتهم رائحة الموت التي لا تُمحى.