أمد/ عندما تبدأ “الرؤوس” تسقط… فاعلم أن الحكاية وصلت لذروتها.
ففي قلب حي الصبرة، لم يكن المشهد اشتباكًا بين بلطجية، ولا ثأرًا بين عائلات، ولا تصفية “عملاء” كما تحاول أبواق التنظيم أن تبرّر. ما حدث اليوم هو زلزال داخلي يهزّ بنية حماس من الأعماق… تصفيات ميدانية بين قياداتها، وصراع دموي على النفوذ بعد توقيع اتفاق الاستسلام الذي شرّخ جسد الحركة وفضح انقسامها بين من باعوا غزة، ومن شعروا بالخيانة.
انفجار داخل البيت الواحد
في غزة اليوم، لم يعد الرصاص موجّهًا نحو الاحتلال فقط، بل أصبح يُطلق في صدور أبناء البيت الواحد.
فبعد عامٍ من الحرب والدمار، وبعد أن هدأت أصوات المدافع، انفجرت الخلافات المكبوتة داخل التنظيم الذي كان يُقدَّس بالصمت والولاء.
الذين حملوا راية “المقاومة” بالأمس، أصبحوا اليوم أهدافًا لرفاقهم، والذين صمتوا طويلاً خوفًا، بدأوا يرفعون رؤوسهم في وجه من صادر القرار والكرامة.
ما جرى في الصبرة هو بداية مرحلة جديدة… مرحلة الحساب الداخلي.
لم تعد البنادق موجهة إلى الخارج، بل إلى من كان بالأمس حليفاً في النفق وغرفة العمليات.
إنها حرب صامتة خرجت إلى العلن، ودماءٌ تسيل داخل الحركة التي وعدت الناس بالعزّة، ثم أورثتهم الذلّ والجوع والمقابر.
انقسام القيادة… وكسر المعبد من الداخل
الانقسام في حماس لم يعد سياسيًا أو تنظيميًا فقط، بل تحوّل إلى صراع ميداني مسلح.
جناحٌ يرى أنّ توقيع الاتفاق مع الاحتلال خيانة لدماء الشهداء، وجناحٌ آخر يبررها بالواقعية السياسية حفاظًا على الكرسي والسلطة.
وبينهما يقف شعبٌ منكوب، يدفن أبناءه كل يوم، ولا يعرف لماذا يُقتل من جديد بعد أن نجا من القصف والموت الجماعي.
من الصبرة خرجت الرسالة الأولى:
أن الملف الأمني انفجر، وأنّ الولاءات تصدّعت، وأنّ كل ما بُني على الخوف والولاء الأعمى بدأ ينهار.
من ظنّ أن الحكم بالحديد والنار سيبقى إلى الأبد، اكتشف أن النار بدأت تأكل أصحابها.
سقوط الأقنعة
لم يعد ممكناً تزييف المشهد أو تغليفه بشعارات المقاومة.
القيادات التي كانت تملأ الشاشات بالنار والخطب، صارت اليوم تختبئ خلف الحواجز خوفاً من رصاص إخوتها.
الذين اتهموا الناس بالخيانة، باتوا يُتَّهمون اليوم بنفس التهمة داخل صفوفهم.
الزمن تغيّر، والدم الفلسطيني لم يعد يُغسل بالشعارات، بل صار شاهداً على كذب المشروع الذي أكل الوطن قبل أن يبدأ بأكل نفسه.
في ختام سطور مقالي
عندما تبدأ “الرؤوس” تسقط… فاعلم أن الحكاية وصلت لذروتها.
ليس لأنّ المؤامرة اكتملت، بل لأنّ الكذب انتهى عمره الافتراضي.
ومن خان غزة في العلن، سيغرق في دماء رفاقه في الخفاء.
هكذا تموت الحركات التي جعلت من الولاء أهم من الوطن، ومن الحزب أهم من الشعب، ومن الكرسي أهم من الحقيقة.
لقد بدأت النهاية، وصوت الرصاص في الصبرة… هو إعلان أول صفحة في كتاب السقوط.