في أحدث الوصفات الرسمية لعلاج أزمات الدولة، يبدو أننا وصلنا أخيرًا إلى الدواء السحري:
لا خطط اقتصادية، لا إصلاح إداري، لا سياسات جديدة… فقط الانضباط.
نعم، الحل بسيط: كل موظف — من محصل الكهرباء إلى موظف الأرشيف — سيصبح “متدربًا” في أكاديمية الانضباط الوطني. هناك، سيتعلم المواطن كيف يسير بخط مستقيم، وكيف يؤدي التحية.
الفكرة أن الأزمات لا تأتي من السياسات، بل من “العَوار البشري”. المواطن هو المشكلة، والعلاج هو إعادة تأهيله… عسكريًا.
فبدل أن نغيّر أسلوب الإدارة، سنغيّر طريقة الوقوف.
هل تبحث عن ترقية؟
احرص على ضبط قدميك بزاوية صحيحة، ونغمة صوتك عند قول “تمام يا فندم”.
هل لديك رأي؟ احتفظ به حتى نهاية الطابور وممنوع النقد فالوطن لا يحتمل أصواتا مرتفعة، والرئيس يرى أن الثورات أخّرت الدولة.
بهذا الشكل، سنبني الدولة الحديثة: دولة تسير بخطوة واحدة، بإيقاع واحد، وصوت واحد.
أما التفكير… فربما يأتي دوره بعد الاستعداد التام.