أمد/ تل أبيب: شملت خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي استعرضها خلال لقائه مع زعماء دول عربية وإسلامية، انسحابا إسرائيليا من قطاع غزة على مرحلتين، وأن ينسحب الجيش الإسرائيلي في المرحلة الأولى إلى الخطوط التي تواجد فيها قبل بدء اجتياح مدينة غزة، وأن ينسحب من قطاع غزة كله بعد انتشار قوة دولية في القطاع، لكن تبين من خطة ترامب التي نُشرت لاحقا أن الانسحاب الإسرائيلي سيكون تدريجيا وقوات الجيش الإسرائيلي ستبقى في أطراف القطاع وداخل أراضيه لفترة غير محدودة بادعاء “اجتثاث أي تهديد إرهابي”.
وحسب الخطة التي استعرضها ترامب أمام القادة العرب والمسلمين، تحدثت عن نزع سلاح حماس، بينما الخطة التي نُشرت لاحقا تحدثت عملية نزع سلاح “بإشراف مراقبين مستقلين”، وأن يتولى ترامب ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، رئاسة ما يوصف بأنه “مجلس السلام”. وجاءت هذه التغييرات بطلب من إسرائيل. كما حلّت عبارة “خبراء دوليين” مكان “هيئة دولية تشرف على حكومة تكنوقراط فلسطينية”.
ونقلت صحيفة “هآرتس” يوم، الجمعة، عن دبلوماسي أوروبي قوله إنه عندما اطلع على هذه التغييرات أصيب بإحباط لأن “العالم العربي سمح لترامب بتغيير خطة بموجب رغبة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو”.
وأضاف الدبلوماسي أن ترامب وافق على رد حماس المتحفظ على خطته، وخاصة رفض الحركة إلقاء السلاح، ووصفه بأنه موافقة مطلقة، بينما قال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نتنياهو إنه سيساعد نتنياهو في محاربة حماس إذا رفضت الصفقة.
واعتبر الدبلوماسي أن هذه كانت الإهانة الثانية التي وجهها ترامب ضد نتنياهو، بعد أن أرغمه على تقديم الاعتذار لقطر.
وأضاف الدبلوماسي أنه على إثر ذلك اقتنع هو وزملاؤه بأنه خلافا لإدارات أميركية سابقة، ليس لدى إدارة ترامب إخلاص تاريخي أو أيديولوجي تجاه إسرائيل، وقال إنه “يوجد تغيير كبير في الشرق الأوسط. وفي واشنطن يرون مصلحتهم فقط، وإسرائيل ليست قوية كفاية وليس بإمكانها منافسة العرب الذين بحوزتهم الكثير مما يمكن أن يقدموه”.
واعتبر الدبلوماسي الأوروبي أنه “بعد سنوات من إدارة إسرائيل ظهرها إلى أوروبا، ووصلت ذروتها خلال الحرب، فإن إسرائيل مضطرة لأن تدرك أنها أقرب إلى أوروبا من أميركا”.
وقال دبلوماسي فرنسي للصحيفة إنه يواجه صعوبة في الاقتناع بأنه سيكون من السهل ترميم العلاقات غير الرسمية بين فرنسا وإسرائيل خلال فترة قصيرة. وأضاف أن عدد الوفود الفرنسية التي تصل إلى إسرائيل تراجع كثيرا، لأنها لا تريد أن تظهر في صور مع شركات أو رموز إسرائيلية. وشدد أنه ليس معقولا أن تعود الأمور قريبا إلى ما كانت عليه، وأن العلاقات المتوترة بين نتنياهو والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وطالما هما في الحكم، لن يتم إصلاحها في المستقبل المنظور.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسية أوروبية قولها إنه في أوروبا يصرون على التأكد ليس فقط من أن إسرائيل ستنفذ المرحلة الأولى من خطة ترامب، وإنما المرحلة الثانية أيضا، مضيفة أن “ثمة أهمية بالغة للتأكد من أن نبدأ عملية تنتهي بتعايش سلمي بين الشعبين، مهما كان نموذج هذا التعايش. والأرجح أن يكون هذا نموذج الدولتين”.
وقال الدبلوماسي الأوروبي الأول الذي تحدث للصحيفة إنه “من وجهة نظر دبلوماسية، بالإمكان تحسين العلاقات مع إسرائيل فقط بعد الاعتناء بجذور المشكلة، وهذا يعني حل الدولتين”.
وفيما يقول المسؤولون الإسرائيليون إنه “يحظر العودة إلى 6 أكتوبر”، أي للوضع الذي سبق الحرب على غزة، شدد الدبلوماسي الأوروبي على أنه “علينا منع نسيان 6 أكتوبر، وليس بإمكاننا العودة إلى هناك (أي إلى فترة لا حرب ولا سلم). لقد عانى كلا الجانبين كثيرا، ولا يمكن البدء من النقطة نفسها والتظاهر بأن ’الأعمال كالمعتاد’”.
وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة للدبلوماسيين الثلاثة الذين تحدثوا إليها، فإنه حتى لو منحت إسرائيل مهلة لحل المشكلة في غزة، فإنه لا توجد نية لغض النظر عن عنف المستوطنين أو توسيع المستوطنات والضم الفعلي للضفة الغربية، وذلك أيضا بناء على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولي الذي أكد في العام الماضي أن الاحتلال ليس قانونيا.
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي الأوروبي قوله إنه “مع كل المظاهرات والتأييد للفلسطينيين والدعوة إلى العدل، لا أعتقد أنه يوجد أمل بتغيير في العلاقات طالما أن هذه الحكومة، مع هذا الخطاب (اليميني المتطرف)، موجودة في الحكم”.