«في اليوم العالمي للصحة النفسية»
أحمد التلب
نتحدث في اليوم الطيب المبارك عن أهمية الوعي والدعم النفسي. يُحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أكتوبر من كل عام، وهو مناسبة هامة لرفع الوعي حول قضايا الصحة النفسية، وتسليط الضوء على أهمية الاعتناء بالصحة النفسية للأفراد في جميع أنحاء العالم. الهدف من هذا اليوم هو تقليل الوصم المرتبط بالأمراض النفسية، وتعزيز الدعم الاجتماعي والعاطفي للأشخاص الذين يعانون من تحديات نفسية، كما يهدف إلى التأكيد على أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة.
تم تأسيس اليوم العالمي للصحة النفسية في عام 1992 من قبل الاتحاد العالمي للصحة النفسية (WFMH) بهدف خلق مساحة للتوعية حول الأمراض النفسية ومخاطرها، وكذلك تقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون منها. ومنذ ذلك الوقت، أصبح هذا اليوم فرصة لتجميع المجتمع الدولي حول قضية الصحة النفسية وتسليط الضوء على الإجراءات التي يجب اتخاذها لتحسين جودة حياة الأفراد المصابين بالأمراض النفسية.
تُعتبر الصحة النفسية عنصراً حيوياً في حياة الإنسان، فهي تتعلق بالقدرة على التعامل مع التحديات اليومية، والحفاظ على العلاقات الإيجابية، والشعور بالسلام الداخلي. ولا تقتصر على غياب الأمراض النفسية فقط، بل تشمل أيضاً القدرة على التكيف مع ضغوط الحياة والشعور بالراحة النفسية والرفاهية. إن الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الأخرى أصبحت أكثر شيوعاً في جميع أنحاء العالم. ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، يعاني حوالي واحد من كل أربعة أشخاص من نوع من أنواع المرض النفسي في مرحلة ما من حياتهم، وعليه فإن تعزيز الوعي بشأن هذه الأمراض والبحث عن طرق للوقاية والعلاج أصبح أمراً بالغ الأهمية.
رغم أن التقدم في مجالات الطب وعلم النفس قد أدى إلى تحسين القدرة على معالجة الأمراض النفسية، إلا أن العديد من الأشخاص ما زالوا يتعرضون للوصم الاجتماعي بسبب مرضهم النفسي. لا يزال بعض الناس يشعرون بالخجل أو العار بسبب اضطراباتهم النفسية، مما يجعلهم يتجنبون طلب المساعدة. وتشير الأبحاث إلى أن الوصم الاجتماعي المتعلق بالصحة النفسية يمكن أن يؤدي إلى عزلة اجتماعية وتدهور في الحالة النفسية للفرد. لذلك، فإن نشر الوعي وتغيير المفاهيم الخاطئة حول الصحة النفسية أمر أساسي لتشجيع الأفراد على التحدث عن مشكلاتهم النفسية وطلب المساعدة دون خوف من الأحكام الاجتماعية.
اليوم العالمي للصحة النفسية يهدف إلى رفع الوعي بأهمية الصحة النفسية وتأثيرها على الحياة اليومية، والعمل على محاربة الوصم المرتبط بالأمراض النفسية وتشجيع الأشخاص على طلب الدعم والعلاج. كما يسعى إلى تسليط الضوء على أهمية توفير العلاج النفسي ووسائل الوقاية من الأمراض النفسية في المجتمعات، إضافة إلى مساعدة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية على فهم أن مشكلاتهم قابلة للعلاج وأنهم ليسوا وحدهم.
هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها أن نساهم في تعزيز الوعي بالصحة النفسية خلال هذا اليوم وغيره من الأيام. من أبرزها المشاركة في ورش العمل أو الفعاليات التي تتناول قضايا الصحة النفسية، والتعلم حول كيفية التعرف على علامات الاضطرابات النفسية وطرق تقديم الدعم للآخرين. كما يمكننا أن ندعم من يمرون بتحديات نفسية من خلال الاستماع إليهم والاهتمام بهم بما يعزز شعورهم بالأمان والقبول. ولا يقل أهمية عن ذلك العمل على رفع الوعي بضرورة تحسين خدمات الصحة النفسية، سواء من خلال الضغط على الحكومات أو عبر مبادرات المجتمع. كذلك، فإن فتح الحوار حول الصحة النفسية يساعد على التخلص من التوترات الاجتماعية المحيطة بالموضوع ويشجع الأشخاص على التحدث عن مشاعرهم وأفكارهم دون خوف.
في الختام، اليوم العالمي للصحة النفسية هو فرصة فريدة للتركيز على أهمية الاهتمام بالجانب النفسي ورفع الوعي بالتحديات التي يواجهها الكثيرون في هذا المجال. علينا أن نتذكر دائماً أن الصحة النفسية ليست أقل أهمية من الصحة الجسدية، وأن دعم الأفراد الذين يعانون من مشاكل نفسية هو واجب اجتماعي وأخلاقي. في هذا اليوم المبارك، دعونا نتذكر أن الاعتناء بالصحة النفسية حق للجميع، وأن التغيير يبدأ من كل واحد منا.
إهداء:
إلى السودان الحبيب بكل مدنه وقراه.
إلى الهلالية، مدينتي الجميلة التي نالت شرف معنى كلمة الصبر.
إلى الأمهات والآباء، ملائكة الرحمة، وإلى أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة، سائلاً الله أن يكون لهم عوناً وسنداً وقوة.
المصدر: صحيفة التغيير