في مشهد أشبه بلقطة من فيلم سينمائي، قاطع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لقاء تلفزيونياً للرئيس دونالد ترامب وسلمه قصاصة ورقية وهمس في أذنه أن الاتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس» بات وشيكاً.
عقب ذلك، كتب ترامب على موقعه «تروث سوشال» العبارة الواردة في الإنجيل على لسان السيد المسيح «طوبى لصانعي السلام»، معلناً التوصل إلى اتفاق.
وقال «يشرفني أن أعلن أن إسرائيل وحماس وقعتا على المرحلة الأولى من خطتنا للسلام». وأضاف «هذا يعني أنه سيتم الإفراج عن جميع الرهائن قريباً جداً، وستسحب إسرائيل قواتها إلى خط متفق عليه كخطوات أولى نحو سلام قوي ودائم ومستدام».
وأعلن «انه يوم عظيم للعالمين العربي والإسلامي، ولإسرائيل ولكل الدول المجاورة، وللولايات المتحدة الأميركية. ونتوجه بالشكر إلى الوسطاء من قطر ومصر وتركيا الذين عملوا معنا لتحقيق هذا الحدث التاريخي وغير المسبوق. كل التقدير لصانعي السلام!”.
وكان الرئيس الأميركي يعقد اجتماع طاولة مستديرة مع مؤثرين محافظين لمناقشة حركة «أنتيفا»، ليل الأربعاء، عندما لفت روبيو نظره وهو يقف في زاوية من غرفة الاستقبال الزرقاء في البيت الأبيض، قائلاً إن لديه خبراً للرئيس، لكنه سيتعين عليه الانتظار حتى مغادرة وسائل الإعلام، ثم مرر له إشعاراً مكتوباً بخط اليد على ورق يحمل شعار البيت الأبيض، جاء فيه: «عليك أن تقر منشوراً على تروث سوشيال قريباً حتى تعلن الاتفاق أولاً».
ودفع ذلك الرئيس الأميركي إلى القول «نحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق في الشرق الأوسط».
وكان الاجتماع مع المؤثرين مستمراً منذ نحو ساعتين حين اقترب روبيو للمرة الأولى، فدعاه الرئيس للدخول، وهمس له ببضع كلمات قبل أن يسلمه الإشعار.
لكن جهوداً كبيرة كانت تُبذل وراء كواليس هذا المشهد الذي جرى أمام صحافيين.
ضغوط على نتنياهو
في مسعى للحصول على جائزة نوبل للسلام، وهو ما يبدو مستبعداً، لم يمنح ترامب حليفته إسرائيل كل ما تتمناه.
حين استقبل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في التاسع والعشرين من سبتمبر، أعلن خطته المتضمنة 20 بنداً، وبدا داعماً له بالكامل، مؤكدا أن إسرائيل ستحصل على كامل الدعم للقضاء على «حماس»، في حال رفضت الحركة الخطة.
لكنه في المقابل، مارس ضغوطاً على المستوى الخاص على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بدءاً من الخطة نفسها التي قدمها له بعد مباحثات معمقة مع قادة دول عربية وإسلامية في الأمم المتحدة.
وحين وُضعت الخطة أمام نتنياهو، وجد فيها نقاطا يعتبرها غير مقبولة، ولا سيما إنشاء دولة فلسطينية.
الموقف العربي الموحد
وأعرب ترامب أيضاً عن استيائه من الهجوم الإسرائيلي على قطر، حليفة الولايات المتحدة، في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات في مرحلة حاسمة.
واستفاد من الموقف العربي الموحد المُندد بالهجوم لدفع العرب جميعاً للقبول بخطته، ثم دفع نتنياهو، للاتصال هاتفياً، بالقطريين من البيت الأبيض، والاعتذار منهم.
بعد ذلك، وقّع ترامب على مرسوم تنفيذي تتعهد فيه الولايات المتحدة تقديم ضمانات أمنية لقطر. وهو تغيّر يشير إلى العلاقات المتينة التي نسجها مع عدد من الدول العربية أثناء ولايتيه الرئاسيتين.
الاستفادة من موقف «حماس»
في الوقت نفسه، كثّف ترامب ضغوطه على الحركة، وهددها بفتح «أبواب الجحيم» إن لم توافق على خطته بحلول الخامس من أكتوبر الجاري.
وصاغت «حماس» ردها بحنكة، مركزة تحديداً على التزام ترامب بإطلاق سراح كل الرهائن الإسرائيليين المُحتجزين في غزة.
والتقى ترامب مرات عدة أقارب للرهائن في البيت الأبيض.
وحتى الآن، يُنظر إلى الإعلان عن اقتراب الإفراج عن الرهائن على أنه انتصار لترامب الذي قال «أظن أن الرهائن سيعودون الاثنين»، بما في ذلك جثامين من قضوا منهم.
ونشر ترامب رسالة مصورة حول الاتفاق، ونشر أيضاً بيان الحركة على حسابه، وهو أمر لم يسبق أن فعل رئيس أميركي مثله، علماً أن واشطن تعتبر «حماس» منظمة إرهابية.
ولم تتضمن رسالة ترامب أي شيء يشير إلى أن الحركة لم توافق كليا على خطته، في ما يوحي بأن نقاشها سيقتصر فقط على التفاصيل.
لكن الأهمية تكمن في دفع إسرائيل و«حماس» والوسطاء إلى التوصل لاتفاق سريع.
وكشف ترامب لموقع «أكسيوس» عن مضمون حديثه مع نتنياهو: «قلت له: هذه فرصتك للانتصار، وكان موافقاً على ذلك، وعليه أن يوافق على ذلك، ليس لديه خيار. معي، عليك أن توافق».
المصدر: الراي