كتب محمود الهواري:
08:55 م
08/10/2025
يعمل مهندسون في الولايات المتحدة على تطوير تقنية جديدة تعتمد على إشارات الـ “WiFi” لمراقبة معدل ضربات القلب، في محاولة لتسخير الشبكات اللاسلكية كوسيلة غير تلامسية لتتبع المؤشرات الحيوية.
ورغم أن المشروع ما زال في مراحله الأولى، إلا أنه يقدم تصورا واعدا لمستقبل المراقبة الصحية المنزلية.
وأطلق على النظام الجديد اسم “PulseFi”، ويعتمد على الذكاء الاصطناعي والأجهزة الإلكترونية منخفضة التكلفة لتحليل سعة إشارات الـ “WiFi” وتحويلها إلى تقديرات دقيقة لمعدل ضربات القلب.
ووفقا للدراسة المنشورة ضمن وقائع مؤتمر IEEE الدولي حول الحوسبة الموزعة في الأنظمة الذكية وإنترنت الأشياء (DCOSSIoT)، أظهرت النتائج أن النظام يتمتع بدقة ملحوظة في مختلف المسافات ووضعيات الجسم.
وأوضح الباحثون براناي كوتشيتا، ونايان باتيا، وكاتيا أوبرازكا من جامعة كاليفورنيا في سانتا كروز في رسالة إلى موقع لايف ساينس أن التقنية قادرة على استخراج معلومات دقيقة دون الحاجة إلى أي تلامس جسدي، باستخدام بنية تحتية جاهزة من شبكات الـWiFi المنزلية.
وأجرت أوبرازكا أستاذة في هندسة الحاسوب، باتيا طالبة دكتوراه، وكوتشيتا طالبة في المرحلة الثانوية البحث خلال فترة تدريبها بالجامعة.
ورغم توفر أجهزة متعددة لمراقبة معدل ضربات القلب مثل الساعات الذكية وأجهزة مراقبة الصدر، إلا أن هذه التقنيات تتطلب اتصالا دائما بالمستخدم وغالبا ما تكون مرتفعة التكلفة، ما دفع الباحثين للبحث عن بدائل غير تلامسية أكثر عملية وأقل كلفة.
وتقوم التقنية الجديدة على استخدام ما يُعرف بـ”معلومات حالة القناة” (CSI)، وهي بيانات توضح التغييرات التي تطرأ على إشارة الـWiFi أثناء انتقالها بين المرسل والمستقبل.
ومن خلال تحليل تشوهات هذه الإشارة عند مرورها بجسم الإنسان، يمكن للنظام استخراج أنماط مرتبطة بضربات القلب.
في تجربة عملية، استخدم الفريق جهازي ESP32 صغيرين يعملان كمرسل ومستقبل لإشارات الـWiFi، ووُضع بينهما سبعة متطوعين (خمسة رجال وامرأتان).
وجرى تسجيل معدل ضربات القلب الفعلي لكل متطوع باستخدام مقياس تأكسج نبضي مثبت على الإصبع، فيما تم قياس إشارات الـWiFi على مسافات متر، مترين، وثلاثة أمتار، لمدة خمس دقائق لكل جلسة.
وبعد جمع البيانات، استخدم الباحثون خوارزمية تعلم آلي تعتمد على الشبكات العصبية المتكررة (LSTM) لتحليل التغيرات الدقيقة في إشارات الـCSI.
ونجح النظام في تقدير معدل ضربات القلب بدقة عالية، إذ لم يتجاوز متوسط الخطأ نصف نبضة في الدقيقة عبر مختلف المسافات.
كما اختبر الفريق النظام باستخدام قاعدة بيانات تضم 118 مشاركًا برازيليًا أدوا 17 وضعية مختلفة، مثل الجلوس والمشي وكنس الأرض، لمدة دقيقة واحدة لكل وضعية.
وأظهرت النتائج أن أداء PulseFi ظل ثابتًا بغض النظر عن وضعية الجسم، وبلغ هامش الخطأ النموذجي نحو 0.2 نبضة في الدقيقة مقارنة بقراءات الساعة الذكية.
ومع ذلك، أشار عالم البيانات الصحية أندرياس كارواث من جامعة برمنغهام البريطانية، الذي لم يشارك في البحث، إلى أن الفريق استخدم نفس البيانات لتدريب النموذج واختباره، وهو ما قد يؤدي إلى تحيز في النتائج. لكنه وصف المشروع بأنه “مثير للاهتمام من الناحية النظرية” ويمهد لتقنيات مراقبة مستقبلية مبتكرة.
ورد الباحثون على هذا الانتقاد مؤكدين أنهم اختبروا النموذج في بيئات جديدة كليًا باستخدام بيانات لم تدخل في مرحلة التدريب، ما يعزز موثوقية النتائج، رغم أن البحث لم يُنشر رسميًا بعد.
وأقر الفريق بأن أدوات المقارنة مثل الساعات الذكية ليست دائما دقيقة بنسبة 100%، بينما تُعد أجهزة قياس التأكسج الطبية أكثر موثوقية.
ويعمل الفريق حاليا على توسيع نطاق التجارب لاختبار قدرة PulseFi على تتبع معدلات ضربات القلب لعدة أشخاص في الغرفة نفسها، ودراسة كيفية تعامل النموذج مع البيئات المزدحمة.
وأكد الباحثون أن التقنية لا تتعامل مع أي بيانات شخصية، وأن جميع عمليات تحليل الإشارات تبقى داخل الجهاز، مما يضمن خصوصية المستخدمين.
ويرى كارواث أن هذه التكنولوجيا قد تصبح جاهزة للاستخدام التجاري خلال خمس إلى عشر سنوات، لتفتح الباب أمام جيل جديد من أنظمة المراقبة الصحية اللاسلكية.