في فجر السابع من أكتوبر 2023، دوّى الحدث الذي غيّر معادلات الصراع في المنطقة. ذلك الفجر الذي أطلقت عليه المقاومة الفلسطينية اسم «طوفان الأقصى»، كان لحظة عبورٍ غير مسبوقة نحو المستوطنات الإسرائيلية، لتنتقل المعركة لأول مرة منذ عقود إلى عمق الأراضي المحتلة.
مشاهد الأسر والاقتحام، والعودة إلى القطاع، سجّلت حضورها في ذاكرة التاريخ وأربكت حسابات الاحتلال، الذي ردّ بحربٍ شاملة هدفت إلى «تدمير غزّة» ومحْو رمزيتها. لكنّ عامين من القصف والتجويع لم يُطفئا جذوة الصمود، بل زادا الغزيين إصرارًا على البقاء.
عامان من الدم والرماد والركام، من وداع الشهداء ونزوح الآلاف، من الألم الذي لم يفرّق بين طفلٍ وشيخ، ومدنيٍّ ومقاتل. ورغم الكارثة الإنسانية التي وصفتها منظمات أممية بأنها “الأسوأ في القرن”، لم ينكسر القطاع، بل تحوّل إلى عنوانٍ للإرادة والمقاومة.
في المقابل، تعالت أصوات التضامن في شوارع العواصم العالمية، حيث خرجت الشعوب تطالب بوقف الحرب وإنهاء الدعم غير المشروط للاحتلال، فيما ظلّ الموقف العربي الرسمي متردّدًا تحت وطأة اتفاقات التطبيع وضغوط السياسة.
ورحل قادة الميدان واحدًا تلو الآخر، ثابتين في مواقعهم حتى اللحظة الأخيرة، يتركون خلفهم رسالة واضحة: أنّ الحقّ لا يُهزم، وأنّ من يقاتل من أجل أرضه لا يعرف الانكسار.
بعد عامين على «الطوفان»، لا تزال غزّة تحيا بين الركام، لكنها ترفض الانحناء. فالأرض أرضها، والسماء وإن أظلمت، لا تحجب شمس الحرية القادمة من بين الدمار.