أعاد الزخم الاحتجاجي لجيل “Z”، الذي تعرفه الشوارع المغربية اليوم، إلى الواجهة مؤسسات الوساطة ودورها في إيصال صوت المجتمع إلى المسؤولين والحكومة، وعلى رأس هذه المؤسسات المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، الذي نص عليه دستور 2011، وصدر قانونه المنظم سنة 2018.
ونص الفصل 33 من دستور المملكة على إحداث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، من أجل توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلد، وتيسير ولوجهم إلى الثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية.
اليوم، وبعد مرور 15 سنة على تطبيق دستور 2011، و7 سنوات على نشر القانون رقم 98.15 المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي في الرسمية، لم يُكتب لهذا المجلس أن يرى النور، وهو ما يثير التساؤل حول وجود إرادة سياسية لإخراج هذه المؤسسة إلى الوجود.
وجاء التنصيص على المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي بفعل الزخم الذي خلقته حركة 20 فبراير الشبابية إبان فترة الربيع الديمقراطي، حيث كان ذلك “استجابة سياسية لهذه الحركة”، بحسب ما أوضح الباحث في العلوم السياسية محمد شقير في تصريح لجريدة “العمق”.
وفي هذا الصدد، طرح المعهد المغربي لتحليل السياسات فرضيتين، الأولى تتمثل في أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي قد استنفد مهامه وأدى الدور المنوط به بعد صدور دستور 2011 وتراجع الاحتجاجات، خصوصا أن إحداثه جاء في سياق احتجاجي.
أما الفرضية الثانية، فيرى المعهد في ورقته المعنونة بـ”المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي: التاريخ يكرر نفسه”، أن الدولة ليست في حاجة إلى مجلس من هذا النوع نظرا لوجود العديد من المؤسسات التي تعنى بهذا الشأن، وعلل ذلك ببطء العملية التشريعية للقانون المؤطر.
بدوره، أوضح أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات، عبد الحفيظ اليونسي، أن الدستور نص على مؤسسات كثيرة تعنى بالحكامة وحقوق الإنسان والنهوض بها، وهي إما مؤسسات استشارية أو تقريرية.
وأشار إلى صدور القانون المنظم للمجلس منذ سنوات، “لكن تعيين أعضائه تأخر دون مبرر، وهذا يعطينا جوابا يتمثل في عدم جدية الدولة في تفعيل هذه المؤسسات، على اعتبار أنها فقط استشارية، وأنها لن تقدم الإضافة المرجوة ما دامت الحكومة قادرة على تقديم الأجوبة”.
وتابع اليونسي، في تصريح لـ”العمق”، أن السؤال المطروح هو حول جدوى تعيين هذه المؤسسة، والحاصل أن فعاليتها مرتبطة بقدرة من يدبرها على فرض اختصاصها في مواجهة السلط المختلفة.
وبالنسبة لليونسي، كان من الممكن استباق الاحتجاج الشبابي الذي تعرفه شوارع المملكة اليوم لو كانت هناك ثقافة مؤسساتية تثمن ما تنتجه المؤسسات المستقلة، وخلص إلى أن أي مؤسسة إذا لم تكن لها مصداقية ولم يكن محيطها مساعدا ومثمنا ومعترفا بدورها، فلا يمكن أن تشكل القيمة المضافة المرجوة.
وكان بإمكان المجلس الاستشاري للشباب، لو خرج إلى حيز الوجود، يقول محمد شقير، أن يؤطر بعض مطالب الشباب ويعكس مقترحاتهم، بل ويساهم في تشكيل نخب متمردة تستطيع محاورة مختلف المؤسسات المنتخبة والمعينة، على غرار باقي المجالس الاستشارية والوطنية الدستورية.
“لكن يبدو أن التأخر في إخراج هذا المجلس إلى حيز الوجود، وعدم وجود إرادة سياسية بهذا الشأن، طرح إشكالية غياب مؤسسة تحاور الحكومة أثناء هذا الاحتجاج، وتلبي رغبة الشباب المحتج في إبعاد التنظيمات السياسية عن الركوب على مطالبهم، وبالتالي يمكن أن تشكل هذه الاحتجاجات فرصة لتسريع إحداث هذا المجلس”.
المصدر: العمق المغربي