أمد/ واشنطن: في حوار صريح مع مجلة فورين أفيرز ، قال القائد السابق للبحرية ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” السابق عامي أيالون، أن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة.

يكشف أيالون عن الفجوة بين توقعات الإسرائيليين والفلسطينيين، ويحذر من أن الاتفاق قد ينهي “المعركة” العسكرية لكنه لن يوقف “الحرب” الأكبر ما لم يتم معالجة قضية احتلال الضفة الغربية.

خطوة أولى محفوفة بالمخاطر: تحليل خطة ترامب

تأتي هذه المحادثات التي ستُعقد في القاهرة بعد عامين تقريبًا من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على خلفية خطة سلام من 20 بندًا كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هذه الخطة تمثل تحولًا دراميًا، حيث كان الاتفاق يبدو مستحيلًا قبل أسابيع فقط:

تبادل الأسرى: أبدت حماس استعدادها لإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين مقابل الإفراج عن أكثر من 2000 سجين فلسطيني.

انسحاب جزئي: وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على سحب جزئي لقوات جيش الدفاع الإسرائيلي من غزة، مع إيقاف الجيش لبعض الغارات الجوية بالفعل.

نزع السلاح والإعمار: تدعو الخطة، المدعومة من ثماني دول عربية وإسلامية، إلى نزع سلاح حماس، وتدفق المساعدات، وإعادة الإعمار الاقتصادي لغزة، وفي النهاية، حكم السلطة الفلسطينية المُصلحة.

يصف عامي أيالون المزاج في إسرائيل بالضياع، لكنه يشدد على أن إنهاء الحرب وعودة الرهائن “مهم جدًا لدرجة أننا مستعدون للتشبث بأي بصيص أمل.” ومع ذلك، يحذر من وجود “فجوة ضخمة” بين التوقعات: الإسرائيليون يريدون إنهاء الحرب وعودة الرهائن، بينما الفلسطينيون يسعون في النهاية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم في الضفة الغربية أيضًا، وهو ما لا تتحدث عنه الخطة بوضوح.

وهم السلام: الضفة الغربية واليمين المتطرف

يُبدي أيالون تشاؤمه العميق إزاء استدامة الصفقة ما لم تتناول جذور الصراع:

تجاهل الإذلال الفلسطيني: يرى أيالون أن “كل ما سعينا إلى القضاء عليه في غزة سيزدهر في الضفة الغربية”، مشيرًا إلى أن السلام الذي يعالج مشاعر الإذلال والكراهية والانتقام الإسرائيلية فقط، ويتجاهل مثيلتها لدى الفلسطينيين، هو أمر خطير.

اليمين ومستقبل الحكومة: يرى أيالون أن المتشددين في ائتلاف نتنياهو قد لا يطيحون به بسبب الصفقة، لأن الضفة الغربية “أهم بالنسبة لهم مما يحدث في غزة”. وبما أن الخطة لا تتضمن قيودًا صريحة على المستوطنات، فإنهم قد يتغاضون عنها.

المعارضة والحل السياسي: حتى لو عاد الرهائن، فإن أيالون يرى أن المعارضة الإسرائيلية ليس لديها سياسة حقيقية تتجاوز استبدال نتنياهو. ويؤكد: “ما كانت تقاتله إسرائيل في غزة ليس حربًا. إنها معركة. يمكننا إنهاء هذه الحملة العسكرية، لكن الحرب الأكبر لن تنتهي.”

يصر أيالون على أن الحرب لن تنتهي ما لم يتحقق “اتفاق سياسي ينهي احتلال إسرائيل ويخلق دولتين جنبًا إلى جنب”، وهو ما يعارضه بشدة 80 بالمئة من الإسرائيليين حاليًا.

لماذا وافقت حماس؟ القوة والاعتراف الدولي

في ظل حالة انعدام الثقة المتبادلة (“أنا لا أثق برئيس وزرائي. لماذا ينبغي لهم أن يثقوا؟”)، يجيب أيالون على سؤال سبب قبول حماس للصفقة:

هزيمة عسكرية.. وانتصار في الشارع: يرى أيالون أن حماس مهزومة عسكريًا، لكنها “لا تزال تفوز” على مستوى الدعم في الشارع بالعالم الإسلامي وأوروبا وتراجع الدعم لإسرائيل في أماكن مثل الولايات المتحدة. بالتالي، ترى حماس توقيعها على الاقتراح “انعكاسًا لانتصارها”.

رفض القيادة البديلة: يشدد أيالون على أن إسرائيل ترتكب “خطأً فادحًا” برفضها إشراك طيف أوسع من القادة الفلسطينيين، مُتذكرًا انسحاب شارون الأحادي من غزة عام 2005 الذي سمح لحماس بتصويره كمكافأة على العنف.

ويقول: “نحن نرفض التفاوض مع القادة الذين يريدون خلق واقع الدولتين. نحن نتفاوض فقط مع أعدائنا.”

ضغط ترمب: من التلاعب إلى الشخصنة

يكشف أيالون أن قبول نتنياهو بالصفقة لم يكن اختياريًا، بل جاء نتيجة ضغط شخصي وقوة مارسها ترمب عليه:

حادثة قطر: لعب هجوم نتنياهو الفاشل على مسؤولين من حماس في الدوحة دون إبلاغ ترمب دورًا محوريًا. أدى هذا الهجوم إلى إحراج الرئيس الأمريكي أمام أصدقائه، مما جعل ترمب يدرك أن نتنياهو كان “يتلاعب به” وجعل المسألة “شخصية”.

الإجماع الدولي: ساهم الضغط الدولي المتمثل في الاعترافات الأخيرة في دفع ترمب إلى الأمام، حيث أصبح قادرًا على القول لنتنياهو: “أنا أفعل ما يريد العالم بأسره أن أفعله.”

بصيص الأمل: الجنرالات والمصلحة العالمية

على الرغم من تشاؤمه العام، يجد أيالون سببًا وحيدًا لـ “عدم التشاؤم” في الوقت الحالي:

إدراك الجنرالات: يرى أيالون أن الجنرالات الإسرائيليين هم “المجموعة الوحيدة من الناس في إسرائيل تفهم حقًا الميزة الكبرى لهذا الاقتراح” ولن يضحوا به، لأنهم “الإسرائيليون الوحيدون الذين يفهمون حدود القوة العسكرية”.

المصلحة الاقتصادية العالمية: الأهم من ذلك، يعتقد أيالون أن العالم قد أدرك أن حل الصراع الإسرائيليالفلسطيني أصبح الآن قضية عالمية تؤثر على أمن واستقرار الشرق الأوسط، وبالتالي على الاقتصادات العالمية وصناديق الاقتراع.

شاركها.