بمناسبة الذكرى الـ37 لأحداث الخامس من أكتوبر عام 1988، التي خرج خلالها الجزائريون إلى الشوارع احتجاجا على أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، والتي أسفرت عن مقتل العشرات وتوقيف الآلاف، طالبت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان”، المهتمة بالشأن الحقوقي في الجزائر، بإنهاء هيمنة الأجهزة الأمنية على الحياة السياسية وضمان حياد القضاء واستقلاله عن التوظيف السياسي.
كما طالبت المنظمة ذاتها، في بيان توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع معتقلي الرأي، وإسقاط التهم الملفقة في حقهم والقائمة على “نصوص فضفاضة”، إلى جانب إعادة فتح الفضاء المدني والسياسي والإعلامي أمام مختلف الفاعلين، وتمكينهم من العمل بحرية دون تضييق أو ملاحقة.
وجاء في البيان: “عرفت الجزائر خلال شهر شتنبر من هذا العام موجة متجددة من القمع الممنهج، طالت النشطاء السياسيين والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في مشهد يعيد إلى الأذهان أخطاء الماضي ويؤشر على انزلاق خطير نحو دولة بوليسية تُصادر الحريات وتُفرغ الفضاء العام من أي صوت معارض”.
وأشار المصدر ذاته إلى “اعتقال فتحي غراس، المنسق الوطني للحركة الديمقراطية الاجتماعية، مساء الاثنين 29 شتنبر 2025، إثر مداهمة منزله من طرف عناصر أمن بالزي المدني، قبل أن يوضع تحت الرقابة القضائية في انتظار محاكمته بتهم فضفاضة طالما استُعملت كسلاح سياسي، منها: ‘إهانة هيئة نظامية’ و’نشر أخبار كاذبة تهدد النظام العام’”، مشددا على أن “هذه التهم تكشف بوضوح تحوّل القضاء إلى أداة للانتقام السياسي بدل أن يكون حاميا للحقوق والحريات”.
وفي مدينة قسنطينة، ذكرت المنظمة الحقوقية ذاتها أن “قاضي محكمة الجنح أصدر يوم الثلاثاء 30 شتنبر 2025 حكما بالسجن النافذ لمدة عام واحد وغرامة مالية مشددة ضد الصحافي والناشط عبد الكريم زغيلش، استنادا إلى منشور قديم على فيسبوك يعود إلى سنة 2019، وجرت محاكمته وفق إجراءات المثول الفوري، وفي يوم واحد فقط صدرت بحقه عقوبة سالبة للحرية، فيما يشكل فضيحة قضائية مكتملة الأركان تسقط أي ادعاء بوجود عدالة مستقلة”.
وتابع البيان بأن “حصيلة شتنبر كانت صادمة: ما لا يقل عن خمسة عشر حالة اعتقال واستدعاء، وإيداع ناشط واحد السجن المؤقت بتهمة ‘الإرهاب’ استنادا إلى المادة 87 مكرر سيئة الصيت، إحالة ناشطين آخرين إلى المثول الفوري، وضع ستة نشطاء تحت الرقابة القضائية، فضلا عن صدور أحكام وملاحقات عبثية ضد آخرين في دوامة لا تهدأ من الترهيب”، معتبرا أن “هذه ليست أحداثا متفرقة، بل تعكس نهجا سلطويا متصاعدا يجعل من القمع سياسة دولة ممنهجة هدفها إسكات كل الأصوات الحرة وتفريغ الساحة السياسية من أي معارضة”.
وشددت المنظمة ذاتها على أن الجزائر تعيش على وقع “سياسة واضحة تسعى إلى خنق ما تبقى من فضاء مدني وسياسي وتجريم كل صوت حر، عبر منظومة قضائية مسيّسة تعمل كذراع للقمع بدلا من أن تكون حامية للحقوق”، مؤكدة أن “هذا المسار يهدد بجرّ الجزائر إلى عزلة دولية أوسع، ويجعلها عرضة لمساءلة متزايدة بشأن التزاماتها الحقوقية”.
ولفتت منظمة “شعاع لحقوق الإنسان” إلى أن “الوضع بلغ مستوى خطيرا يستدعي إصلاحات عاجلة وملموسة، حيث تم اغتيال الحريات بشكل ممنهج، وتحول القضاء إلى أداة انتقامية، وأصبح النظام العام ذريعة جاهزة لتكميم الأفواه وإسكات الأصوات المعارضة”.
وخلصت إلى أن الذكرى السابعة والثلاثين لأحداث 5 أكتوبر 1988 ليست “مجرد محطة تاريخية، بل جرس إنذار بأن القمع لا يُطفئ صوت الشعب، وأن الدماء التي سالت قبل سبعة وثلاثين عاما لا تزال شاهدة على أن التمادي في نفس النهج يعيد إنتاج المأساة ويدفع البلاد نحو خطر انفجار اجتماعي جديد”.
المصدر: هسبريس