قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن التسامح لا يعني أن يضيّع الإنسان حقه أو حق أولاده، ولكن في الوقت نفسه ليس معناه أن يأخذ حقه بطريقة تؤدي إلى الشتائم أو الخصام أو قطيعة الرحم.
هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟
وأوضح خلال تصريح، أن المؤمن ينبغي أن يوازن بين المطالبة بحقه والحفاظ على صلة الرحم، خاصة في القضايا التي تتعلق بالميراث أو الشراكة، حيث قد يؤدي الإصرار على الحق إلى عداوة شديدة.
وأضاف أن من كان غنيًا ومستغنيًا عن حقه، فالأولى به أن يتسامح ويشتري بحقه صلة رحمه، لأن التجربة أثبتت أن من يتسامح يفتح الله له أبواب رزق أوسع، أما من هو بحاجة إلى حقه فعلاً، فلا يُطلب منه التنازل عنه، بل عليه أن يلجأ إلى القانون ويستعمل الوسائل الشرعية لاسترداد حقه.
وأشار جبر إلى أن على أهل القضاء والقانون أن يكونوا سريعين في الفصل بين الناس حتى لا تضطر الخصومات المتطاولة البعض إلى العداوة أو حتى الجريمة، مؤكدًا أن بطء القضاء يؤدي إلى تفاقم النزاعات.
وأكد العالم الأزهري أن النبي كان من أكثر الناس تسامحًا، وكثيرًا ما تنازل عن حقه الشخصي، وهذا من خصال أهل العزائم الذين يترفعون عن الدنيا ويبتغون ما عند الله.
وقال الدكتور يسري جبر، إن التسامح يحتاج إلى توازن على مستوى الأفراد والحكام والنظام القانوني في الدولة، مشيرًا إلى قوله تعالى: “ومن كان غنيا فليستعفف”، موضحًا أن الغنيّ عن الشيء أولى بالعفو، أما المحتاج فليطالب بحقه دون أن يعتدي أو يعادي.
هل التسامح في الحق أفضل من أخذه؟
وأجاب الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، عن سؤال حول ما إذا كان الأفضل للإنسان أن يتمسك بحقه حتى لو أدى ذلك إلى غضب الطرف الآخر، أم يتنازل ويفوض أمره إلى الله، موضحًا أن المسألة تختلف بحسب حال الشخص وظروفه.
وقال الدكتور يسري جبر، خلال تصريحات تلفزيونية: “إذا كان الإنسان محتاجًا لحقه، وحياته ستتأثر بتركه، فعليه أن يحرص على أخذه، حتى ولو غضب الآخرون، فهذا حقه المشروع، أما إذا كان الله قد أغناه من أبواب أخرى، وهذا الحق لن يؤثر على معيشته، فالتنازل عنه يكون أفضل، وثوابه عظيم عند الله، خاصة إذا كان التنازل يقوّي روابط الأسرة ويزيد المودة وصلة الرحم”.
وضرب مثالًا بحالة الميراث، فإذا كان أحد الورثة ميسور الحال، بينما إخوته في حاجة، فالتنازل عن نصيبه لهم من أعظم أبواب الثواب؛ لأنه لا يضر حياته، وفي الوقت نفسه يقوي روابط القرابة ويزيد المحبة.