في مشاهد باتت تتكرر في بعض المناطق بالكويت تحولت مساحات قاحلة إلى واحات خضراء بفضل تجمعات السيول التي خلفتها الأمطار الموسمية ما أسفر عن تغير لافت في الغطاء النباتي يكشف عن الأثر الإيجابي لتجميع المياه واستثمارها في تعزيز الحياة البيئية وتغذية التربة.
وعلى الطريق المؤدية إلى سوق «الفرضة» في منطقة الصليبية باتجاه منطقة كبد تجمعت سيول الأمطار لتضفي على المنطقة جمالا استثنائيا بمساحتها الخضراء والأعشاب المتنوعة وسط مستنقعات مائية يطغى الجفاف على ما حولها.
هذا التحول تجسيد حي لقدرة مياه الأمطار والسيول على إحياء وجه البيئة في وقت تسعى فيه الدول لإيجاد حلول مستدامة لمواجهة التصحر وشح المياه.
الغطاء النباتي الذي يبدو كأنه «ومضة حياة» ظهر بفعل أمطار غزيرة وسيول شهدتها الكويت في شهر نوفمبر عام 2018 فبعثت الحياة في تربتها الجافة لتتحول إلى بساط أخضر لافت.
وبالفعل لوحظ أخيرا بناء سدود ترابية وأحواض لاحتجاز مياه الأمطار والسيول مما يتيح تسربها إلى التربة ودعم نمو أشجار صحراوية وتحويل مساحات من الأراضي الجرداء إلى مناطق نباتية كثيفة.
فعلى الرغم من قصر موسم الأمطار وقلة كمياتها فإن إدارة هذه المياه وتوظيفها بشكل ذكي يمكن أن يحقق فوائد بيئية واقتصادية مهمة في بلد لطالما حرص على ترجمة التوجهات العالمية في مجال الحفاظ على البيئة ومكافحة التصحر وتمثل ذلك في إنشاء محميات طبيعية لحماية البيئة مثل (محمية صباح الأحمد الطبيعية) و(محمية الجهراء الطبيعية) و(محمية الخويسات).
وفي هذا الصدد، أكدت المدير العام للهيئة العامة للبيئة بالتكليف نوف بهبهاني، في تصريح لـ«كونا»، أمس، حرص الهيئة على حماية المسطحات الخضراء والتجمعات النباتية خاصة في مواجهة تأثيرات الأمطار الموسمية من خلال تنفيذ مشروعات لتسييج هذه المواقع في مختلف مناطق البلاد.
وقالت بهبهاني إن أعمال التسييج تهدف إلى الحفاظ على الغطاء النباتي ومنع الرعي الجائر وضمان استمرار تغذية المخزون الجوفي بمياه الأمطار بهدف دعم استدامة الحياة النباتية والحد من ظاهرة التصحر التي تعد أحد أبرز التحديات البيئية في البلاد.
وأوضحت أن الهيئة تعمل على وضع خطط عملية لتعزيز جهود الدولة في حماية البيئة وتنمية مواردها الطبيعية والاستفادة المثلى من مياه الأمطار بدلا من هدرها وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الأشغال العامة ووزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة وبلدية الكويت إلى جانب الجمعيات البيئية بما يخدم أهداف مشروع إدارة مياه الأمطار ويتماشى مع رؤية (كويت جديدة 2035).
من جهتها، قالت الأمينة العامة للجمعية الكويتية لحماية البيئة جنان بهزاد، إن حصاد مياه الأمطار يمثل أحد الحلول الاستراتيجية لمواجهة تحديات ندرة المياه في البيئات الجافة وشبه الجافة مثل الكويت مشيرة إلى دوره «المهم» في تخزين مياه الأمطار والاستفادة منها في دعم الأنشطة الزراعية والبيئية بدلا من فقدانها عبر الجريان السطحي أو التبخر.
وشددت على أهمية تعزيز الأمن المائي عبر تنظيم تدفق مياه الأمطار والسيول وتحويلها إلى خزانات أو أحواض طبيعية مما يخفف الضغط على شبكات التصريف والبنية التحتية ويساعد على التكيف مع التغيرات المناخية وإعادة تغذية المياه الجوفية وتحسين الغطاء النباتي في المناطق المتأثرة بالتصحر.
وأشارت إلى أهمية بعض الأودية والتلال في الكويت ومنها وادي (أم الرمم) ووادي (الباطن) و(سهل الدبدبة) لاسيما خلال موسم هطل الأمطار في الشتاء وما يصاحبها من فيضانات مفاجئة ناتجة عن عواصف مطرية كما حدث في الأعوام 1967 و1997 و2009 و2013 و2018.
ولفتت كذلك إلى أهمية مياه (الخباري) و(الفيضات) التي تتشكل على مساحات واسعة في موسم الأمطار ومنها خبرة (الجليعة) التي يؤثر بقاء المياه فيها على حجم الغطاء النباتي حول الخبرة طوال السنة وتنتشر النباتات بشكل انسيابي لتشكل نظام ايكولوجي مميز.
المصدر: جريدة الجريدة