شرع مراقبو مكتب الصرف في تنفيذ عمليات مراجعة واسعة في صفوف مستوردين مشتبه في تورطهم بتهريب أموال إلى الخارج عبر معاملات تجارية “صورية”.

وأوضحت مصادر جيدة الاطلاع أن المراقبين نسقوا مهام التدقيق في عمليات استيراد سابقة همت 37 شركة، موزعة مقراتها بين الدار البيضاء والرباط وطنجة، مع مصالح الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة.

وأفادت المصادر ذاتها بأن مراقبي مكتب الصرف استندوا على مؤشرات اشتباه ومعلومات واردة عن مصادر متعددة داخل المملكة وخارجها بشأن أنشطة مريبة لمستوردين استغلوا تسهيلات يمنحها قانون الصرف وعمليات استيراد كغطاء لتهريب مبالغ ضخمة إلى الخارج جاري التحقق من وجهتها النهائية، بعد التوصل بمعطيات حول تحويلها عبر حسابات دولية مختلفة لتضليل أجهزة المراقبة المالية؛ وذلك بالاستعانة بوسطاء ومكاتب محاسبة متخصصة في تدبير حركة الأموال.

وأكدت مصادر هسبريس أن عمليات التدقيق، الجارية بالتنسيق مع الجمارك، تركزت في وثائق مستوردين تحوم حولهم شبهات تهريب أموال، خصوصا بعدما أظهرت التحريات الأولية قيام عدد منهم بتحويل مبالغ مالية عبر بنوكهم على شكل تسبيقات، حيث يسمح القانون للبنوك بتحويل ثلث المبلغ الإجمالي للعقد الذي يربط المستورد المغربي بشريكه التجاري الأجنبي، بعد الإدلاء بالوثائق الضرورية؛ على رأسها العقد الموقع بين الطرفين.

وكشفت المصادر نفسها عن تقديم المستوردين المعنيين الوثائق المطلوب للبنوك، بتواطؤ مع شركائهم في الخارج، من أجل تحويل الدفعة الأولى من قيمة الصفقة (30 في المائة من المبلغ الإجمالي)؛ إلا أنهم لا يتممون عملية الاستيراد، لافتة إلى أن مسار عمليات افتحاص وتدقيق انعطف إلى التحقق من مآل هذه التحويلات، بعدما تبين أن عددا من الصفقات لم تستكمل فعليا.

وتوقف مراقبو الصرف والجمارك عند شيوع ممارسات “الفوترة المزدوجة” Double facturation في دول مزودة لشركات المغربية بالسلع عن طريق الاستيراد، حيث مكن جرد جميع التحويلات والعمليات المالية المنجزة بواسطة بنوك محلية لفائدة حسابات شركات مصدرة في الخارج من ضبط مؤشرات اشتباه حول عدم تشدد شركات مزودة وفرضها تسبيقات مالية عالية، رغم القيمة المرتفعة للسلع المستوردة.

وتتوفر مصالح إدارة الجمارك ومكتب الصرف على قاعدة معلومات واسعة تمكنهما من تحديد القطاعات والواردات الأكثر عرضة للتلاعب بالقيمة. وتعد الواردات القادمة من الصين الأكثر استهدافا من لدن المراقبين، بالنظر إلى تسجيل حالات عديدة مرتبطة بتخفيض أو تضخيم قيمة البضائع.

وامتدت الأبحاث الجارية، وفق مصادر هسبريس، إلى معاملات مستوردين مغاربة، بعد تورط عدد منهم في شبهات توطين جزء من الأموال المهربة في الخارج، عن طريق اقتناء أصول عقارية وفتح حسابات بنكية بأسماء أقارب لهم (زوجات وأبناء)، بالتواطؤ مع وسطاء وسماسرة متخصصين في تدبير عمليات مالية خارج القانون.

وشددت المصادر جيدة الاطلاع على أن مصالح مكتب الصرف عزمت على إحالة ملفات متورطين على القضاء، بعد استنفاد قنوات التفاوض معهم حول إعادة الأموال التي هربوها.

يشار إلى أن مهام مكتب الصرف تقتضي تتبّع حركة الأموال بين المغرب والخارج، والتأكد من أن المبالغ المحوَلة لتغطية قيمة الواردات صرفت فعلا في اقتناء بضائع وأن القيم المصرح بها في الفواتير مطابقة للواقع؛ فيما يشعر المكتب، في حال وجود أي تلاعب في القيم أو عدم إتمام الصفقة بعد تحويل جزء من مبلغها، المعني بالأمر من أجل تسوية وضعيته.

وفي حال تعذر التوصل إلى اتفاق ودي، تتم إحالة الملف على القضاء عبر إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.

المصدر: هسبريس

شاركها.