في جلسة مغلقة استمعت اليوم الجمعة، «المحكمة الخاصة في جنوب السودان»، المُشكلة لمحاكمة النائب الأول لرئيس الجمهورية المُعَلَّق من منصبه، الدكتور رياك مشار، وسبعة متهمين آخرين، إلى أقوال رئيس فريق التحقيق في القضية.
التغيير ــ وكالات
حيث تلا اللواء باسيلو توماس واني، رئيس فريق التحقيق ومدير شرطة ولاية شمال بحر الغزال، إفادات الدكتور مشار وثلاثة من المتهمين خلال الجلسة التي مُنعت وسائل الإعلام من تسجيلها أو تصويرها.
و أفاد اللواء واني للمحكمة بأن الدكتور مشار وُضع قيد «الإقامة الجبرية» في «26 مارس 2025»، وجرى التحقيق معه في «14 أبريل 2025» في مقر إقامته بحي العمارات في جوبا.
و في الإفادة التي تلاها واني، رفض المتهم الرابع، الدكتور رياك مشار تينج، اللجنة التي شكلها وزير العدل للتحقيق معه بشأن «حادثة الناصر»، مشيراً إلى أن اللجنة «تفتقر إلى الاختصاص»، وأنه يتمتع بـ «الحصانة» بصفته النائب الأول للرئيس.
وقال مشار للمحكمة يوم الجمعة: «لدي تصحيح. أولاً، أخبرتهم بأنني لا أعترف باللجنة لسببين، السبب الأول هو أن حوادث انتهاك اتفاق السلام يُحَقَّق فيها دائماً من قبل آلية مراقبة وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية المؤقتة، وليس جهاز الأمن الوطني، وإنه هيكل دولي».
وأضاف مشار إنه أخبرهم بوضوح أنه لا يقبل أن تحقق معه هذه اللجنة، وإنه أدلى بإفادته فقط لأنه كان مُجبراً. وتابع: «احتفظ باعتراضاتي. ثانياً، قلت إنني النائب الأول للرئيس، ولديَّ حصانة».
كما أشار مشار إلى أن الجهة المشتكية، التي قيل إنها من الأمن الوطني، كان ينبغي أن تلاحق قضية محكمة بشأن «المجازر التي وقعت في مقاطعة لير بولاية الوحدة» على مدى العامين الماضيين.
دفاع مشار
و تابع مشار سرد اتصالاته مع الرئيس سلفا كير وكبار المسؤولين الأمنيين بخصوص تجدد القتال في «الناصر» في مارس، مؤكداً أنه حاول «منع الاشتباكات» بين القوات الحكومية و«الحركة الشعبية»/«الجيش الشعبي لتحرير السودان في المعارضة» والجيش الأبيض المتحالف معها.
وقال: «المشكلة ليست في الناس، أنهم يحملون السلاح؛ لأنهم لا يثقون بالحكومة، ويشعرون أنه يجب عليهم حماية أنفسهم، نحن بحاجة إلى إلحاق الشباب بالتدريب والخدمة الوطنية، حتى لا يستمروا في القتال».
وذكر مشار في إفادته أنهم أجلوا 190 من جنود قوات دفاع شعب جنوب السودان من «الناصر» بعد القتال العنيف مع ميليشيا «الجيش الأبيض». وأكد أنهم نُقلوا إلى جوبا، ولم يتبق سوى جنديين وثلاث نساء و14 طفلاً في «الناصر»، لأن المنطقة تخضع لسيطرة فصيلة.
أقوال المتهمين الآخرين
و تلت المحكمة أيضاً أقوال ثلاثة متهمين آخرين: المتهم الثاني، كاميلو قاتماي كيل، قال إنه احتُجز في مراكز اعتقال «جهاز الأمن الوطني» بالقرب من النيل، ثم نُقل إلى مقر الأمن الوطني، ولم يخبره أحد بسبب اعتقاله.
المتهم الثالث، مدينق ياك رياك، وهو ضابط أمن، أقر باحتجازه، لكنه نفى ارتكاب أي خطأ، مؤكداً أنه لم يُبلَّغ بأي تهم رسمية.
المتهم الرابع، دومينيك قاطوك رياك، أعرب عن ارتباكه بشأن اعتقاله، وقال إنه تعاون بالكامل مع المحققين، لكنه احتُجز «دون سبب واضح».
و يواجه المتهمون الثمانية تهماً خطيرة تشمل: «الخيانة»، و «الجرائم ضد الإنسانية»، و«القتل الجماعي»، و«الإرهاب»، و«تدمير الممتلكات»، وترتبط القضية بهجمات مارس 2025 على قاعدة عسكرية في مقاطعة «الناصر» أدت إلى مقتل جنرال وعشرات الجنود.
و قدم الدكتور صبري واني لادو، عضو فريق الادعاء، أربع وثائق رئيسية، شملت: خطاب تفويض لبدء المحاكمة، وأمر وزاري بتشكيل لجنة التحقيق والادعاء، وعقوبة اعتقال لمشار صادرة عن رئيس السلطة التنفيذية، وقرار من «الجمعية التشريعية الانتقالية الوطنية» برفع الحصانة عن النائب قاتويج لام فوج. وأصر الادعاء على قبولها، مستنداً إلى أن الجريمة تخص المصلحة العامة، وأن المادة 34 من «قانون الإجراءات الجنائية» تمنح أي شخص يحافظ على الأمن القومي الحق في رفع الدعوى.
في المقابل، اعترض الدكتور قيري رايموندو ليغي، كبير محامي الدفاع عن مشار، على وثائق الادعاء، مستشهداً بـ «عدم اختصاص وزارة العدل»، ومؤكداً أن «حادثة الناصر» تقع ضمن اختصاص «اتفاقية السلام المنشطة لعام 2018» باعتبارها انتهاكاً لوقف الأعمال العدائية. كما طعن الدفاع في الأمر التنفيذي باعتقال مشار، زاعماً أنه «غير دستوري».
ورد الادعاء بأن المادة 44 من «قانون الإجراءات الجنائية» تخول وزير العدل تشكيل مثل هذه اللجان، وأشار إلى أن المحكمة سبق أن أكدت اختصاصها في حكم سابق، ورفض الادعاء الاعتراض على حصانة مشار، مؤكداً أن القضية تخص النائب الأول للرئيس وليس الرئيس، وأن المحكمة قضت بالفعل بـ «عدم تمتُّع مشار بالحصانة» في هذا الأمر.
و أصدر قاضي المحكمة جيمس ألالا دينق، حكماً بقبول الوثائق الأربع التي قدمها فريق الادعاء، قائلاً: «قررت المحكمة الموافقة على وثائق الادعاء 1 و 2 و 3 و 4، وتُؤجَّل المحكمة حتى يوم الاثنين القادم في الميعاد نفسه». وأشار القاضي إلى أن الدفاع سيحصل على فرصة لاستجواب وتوضيح التناقضات في الإفادات المسجلة في مرحلة لاحقة.
وتم تأجيل أُجِّلَتالجلسة إلى يوم الاثنين «6 أكتوبر 2025».
نقلاً عن راديو تمازج
المصدر: صحيفة التغيير